دعا محمد بنعليلو، رئيس مؤسسة وسيط المملكة، الإدارةَ المغربية إلى نهج "نموذج ارتفاقي جديد" في علاقتها بالمرتفقين، على غرار النموذج التنموي الجديد، بُغية الاستجابة لتطلعات المواطنات والمواطنين إزاء الإدارة، وتذليل العقبات التي تحول دون تمكينهم من حقوقهم، وتيسير تسوية التظلمات والشكايات التي يتقدمون بها. جاء ذلك في لقاء تواصلي لمؤسسة وسيط المملكة مع المخاطبين الدائمين لمختلف الإدارات والمؤسسات العمومية، حيث شدد بنعليلو على ضرورة أن تحرص الإدارة العمومية على ضمان حقوق المرتفقين، ودعم التراكم المحقق من أجل مواكبة كل التطلعات التي تم التعبير عنها في تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، وأن يكون نمط عملها موائما للمفهوم الجديد للسلطة الذي نادى به الملك. وتوصلت مؤسسة وسيط المملكة ب5409 شكايات وتظلمات سنة 2021، بلغت نسبة تنفيذها من طرف الإدارات العمومية التي أحيلت عليها 67.54 في المائة، بينما لم يتم تنفيذ 832 توصية في نهاية 2021، "وهذا يعني استمرارا لوضعٍ مؤثر بشكل سلبي على حقوق المواطنين"، بحسب بنعليلو. وشدد رئيس مؤسسة وسيط المملكة على أن المؤسسة "ليست في مواجهة الإدارة أو البحث عن الأخطاء والانزلاقات، بل هي جهة مصاحِبة لها لإيجاد الحلول الممكنة والعادلة والمنصفة للمرتفقين، ورفع منسوب الثقة في الإدارات والمؤسسات". وتوقع بنعليلو أن تنخفض نسبة تنفيذ توصيات مؤسسة وسيط المملكة سنة 2022، ويرجع ذلك، بحسبه، إلى مشكل متكرر تواجهه المؤسسة مع الإدارة عند ذهاب حكومة ومجيء أخرى، "حيث يتعطل تفاعل الإدارة لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، وهو ما يطرح سؤال استمرارية مرفق الإدارة"، معتبرا أن الأرقام التي سيحملها التقرير السنوي المقبل ستكون "غير سارة". وأبرز التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة حصول تقدم في مستوى انخراط الإدارة العمومية في فلسفة الوساطة المؤسساتية، وهو ما اعتبره المسؤول ذاته "مدعاة للفخر"، غير أنه استدرك قائلا: "المواطنون مازالوا يعانون من الإحساس بعدم التفعيل الكامل لمبدأ الارتفاق العمومي، ولكن لا يمكن القول إن شيئا لم ينجز، فهناك أرقام ايجابية قدمناها في التقرير، ولكن هناك أيضا أرقام سلبية تسائل الإدارة". وأضاف المتحدث ذاته أن المُنجز الإيجابي للإدارة العمومية في علاقتها بالمرتفقين يتجلى في ارتفاع عدد الملفات التي تمت تسويتها دون اللجوء إلى الوساطة، إذ بلغ عددها 1170 ملفا في 2021. ومع ذلك، يضيف بنعليلو، فإن عملية تسوية ملفات المواطنين لم تأخذ بعد طابعها الانسيابي والطبيعي، حيث لم تتمكن مؤسسة الوسيط من إنجاز 62 بحثا بشأن التظلمات والشكايات التي وردت عليها، بسبب تخلف الإدارة، "وهو ما يؤثر سلبا على صورة الإدارة، ويدعم الصورة النمطية التي يحملها المواطن عنها"، على حد تعبيره. ورغم تنويهه بتحسن تفاعل الإدارة العمومية مع توصيات مؤسسة الوسيط فإن بنعليلو انتقد طول مدة تنفيذ التوصيات، إذ تصل أحيانا إلى 910 أيام، قائلا: "لو لم تُنفذ التوصية لقُلنا إنها غير قابلة للتنفيذ، لاعتبارات معينة، لكنّ تنفيذها بعد هذا الأجل الطويل يطرح عددا من التساؤلات". ورفض وسيط المملكة تبرير بعض الإدارات العمومية عدم استجابتها لتوصيات المؤسسة بكون القانون أحيانا لا يسمح لها بذلك، مشددا على أن "رقم 5409 شكايات وتظلمات التي توصلنا بها كبير، بل لو كانت هناك شكاية واحدة فقط فلا يمكن الاستهانة بها، وإلا فهذا نوع من التطبيع مع رفض تسوية تظلمات المواطنين". وقال بنعليلو ردّا على المفتش العام لوزارة التعليم العالي، الذي عبر عن تحفظه من النزوع الحقوقي على حساب القانون: "الاحتجاجات الآن تتم عبر "الهاشتاگ" ووسائل التواصل الاجتماعي، وإذا خرج مواطن واحد ووقف أمام باب الإدارة محتجا على عدم إنصافه وقال إن جلالة الملك كلفكم بالتوسط لإنصافي فبماذا سأجيب؟ هل سأقول له إن القانون يقول كذا وكذا...؟". وأضاف المسؤول ذاته: "من حقكم ألا تستجيبوا لأي تظلم، ونحن لا سلطة لنا على الإدارة، ولا ولن نتماهى مع الإدارة ولا مع المواطنين، بل نحرص على إيصال الحقوق إلى أصحابها"، معبرا عن رفضه ل"الظلم القانوني".