تصر جبهة "البوليساريو" على تكرار "لازمة الحرب" خلال المؤتمر السادس عشر المنعقد على امتداد الأسبوع الجاري، متجاوزة بذلك التوصيات الأممية المنادية بضرورة البحث عن حل سلمي والاعترافات المتوالية بالحق المغربي في أقاليمه الجنوبية الصحراوية. وينعقد المؤتمر ال16 تحت شعار "تصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة"، ويمضي في اتجاه تكريس ولاية جديدة لإبراهيم غالي على رأس التنظيم الانفصالي، خصوصا أمام "الشروط القتالية" العديدة التي يضعها أمام المترشحين لمناصب المسؤولية. ووضعت اللجنة شرط "التجربة القتالية" للوصول إلى الأمانة العامة للجبهة، فضلا عن ضرورة توفر 20 سنة من "العمل النضالي"، و10 سنوات من "العمل القيادي"؛ وهو ما اعتبرته أصوات معارضة لإبراهيم غالي سيرا نحو تكريس الأسماء التقليدية وإقصاء فئات عديدة تفكر "خارج الصندوق". وقرر المؤتمر تمديد أشغاله لمدة 48 ساعة، وذلك في ظل الخلافات الكبيرة بين قيادات الجبهة الانفصالية المعارضة لإعادة انتخاب إبراهيم غالي. وأعلن القيادي الانفصالي، البشير مصطفى السيد، اليوم الأربعاء، ترشحه رسميا لمنصب الأمين العام لجبهة البوليساريو، ليكون بذلك المنافس الوحيد لإبراهيم غالي في هذه المسرحية. محمد سالم عبد الفتاح، الخبير في قضية الصحراء، أورد أن الخطاب التصعيدي موجه بالضرورة إلى الداخل ولتجاوز الامتعاض الحاصل على مستوى المخيمات، مؤكدا أن هذه الدعايات تحاول استدراك الهزائم والمشاكل التدبيرية العديدة التي منيت بها الجبهة. وأضاف عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن الخطاب يأتي كذلك في سياق حرب بالوكالة تخوضها البوليساريو بإيعاز جزائري ضد الوحدة الترابية والمصالح المغربية، مؤكدا أنه رغم إعلان الجبهة وقف العمل باتفاق وقف إطلاق النار إلا أنها لم تراكم سوى الفشل الميداني. ودليل العجز، وفق المحلل المغربي، هو عقد مؤتمر البوليساريو على التراب الجزائري وعدم القدرة على التواجد بالمناطق العازلة، مؤكدا أن هذا الخطاب العنيف الراديكالي يعاكس دعوات الأممالمتحدة للحل السلمي، كما أنه يعكس نظرة غير واقعية. واعتبر المتحدث أن الترويج للعنف يؤثر بشكل كبير على الأجيال القادمة والمزاج العام داخل المخيمات ويخلق مناخا مناسبا للتطرف، كما أن النشاطات المسلحة تفيد كثيرا الجماعات المتطرفة المنتشرة في المنطقة وتسهل تواجدها. من جانب، سجل نبيل الأندلوسي، الخبير في العلاقات الدولية، أن البوليساريو تؤكد، من خلال خطاب التصعيد والحديث عن الخيار العسكري، حجم الورطة التي باتت تتخبط فيها، رغم كل المؤشرات والسياق الدولي الذي يخدم الرؤية المغربية لحل هذا النزاع المفتعل بشأن الصحراء المغربية. وأضاف الأندلوسي أن هذا الخطاب صادر عن قيادة فاقدة للشرعية على المستوى الداخلي، وتقمع كل رأي مخالف لها، وخاضعة بشكل مطلق لتوجهات وأوامر المخابرات الجزائرية؛ وهو ما يفسر هذا التيه والطيش في التعامل مع الوقائع ومع تحولات الوضع إقليميا ودوليا لصالح المغرب. وبدل البحث عن حلول معقولة تضمن للصحراويين حقوقهم في التنمية والعيش الكريم، فإن الجبهة تحاول دغدغة عواطف الشباب بالمستحيل، وتعبئهم لمستنقع المواجهة مع عدو لا وجود له إلا في أذهان شيوخ النظام الجزائري، أردف المحلل المغربي. وشدد الأندلوسي على أن الجبهة الانفصالية تبقى لعبة في أيدي النظام الجزائري، وقيادتها تستفيد من أموال المساعدات الإنسانية ومن دعم سخي من أموال الشعب الجزائري، وهذا ما يفسر إصرار هذه القيادة على جر المنطقة إلى العنف واللا استقرار. وبالنسبة للأندلوسي فاحتمال استعمال المخابرات الجزائرية لعناصر البوليساريو من أجل القيام بأعمال عنف وإرهاب يبقى ممكنا، بعدما انكشفت الخطط الجزائرية للمنتظم الدولي وباتت الجزائر مدعوة من طرف مجلس الأمن للمشاركة كطرف في إيجاد حل توافقي لمشكل الصحراء المغربية.