انطلق المؤتمر السادس عشر لجبهة "البوليساريو"، الجمعة، برعاية ودعم جزائري، عنوانه البارز تكريس ابراهيم غالي زعيما لولاية أخرى على رأس التنظيم الانفصالي. ويرى المختصون في العلاقات الدولية أن مؤتمر الجبهة الانفصالية لن يكون مغايرا لسابقيه، على الرغم من كونه يأتي في ظل تغيرات عرفها ملف الصحراء المغربية. مؤتمر الشيخوخة عبد الواحد أولاد مولود، متخصص في الشأن الأمني لشمال إفريقيا والساحل، قال إن هذا المؤتمر غايته الأساسية تنصيب ابراهيم غالي، البالغ من العمر 73 سنة، لولاية أخرى، وبالتالي ف"الجبهة تعيش على وقع الشيخوخة، سواء على مستوى القيادة أو الأفكار التي تتبناها ما يصطلح عليها بقيادة البوليساريو، المتمثلة في الاستقلال، والتي عفا عنها الزمن، إذ صرنا نتحدث عن تقرير المصير الذي له اتجاهات أخرى، على غرار الحكم الذاتي الذي أعلن عنه المغرب في 2007′′. وبحسب الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، فإن مؤتمر الجبهة الانفصالية "جاء في ظروف متوترة في جانب واحد، حيث الجبهة أعلنت عدم التزامها بوقف إطلاق النار الذي أبرم مع الأممالمتحدة سنة 1991. وهكذا، فإن هذا التنظيم الانفصالي أصبح يبيع للمنحدرين تحت لوائه الوهم ويعدهم بأشياء يستحيل تحقيقها". واعتبر الباحث نفسه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المؤتمر "لن يخرج عن نطاق المؤتمرات السابقة، حيث سيصدر بيانا مفاده تزكية غالي، كما أن لغته ستحاول لوم المغرب والأممالمتحدة، وتسويق الوهم للمستضعفين من الجبهة، وكذا للمنتظم القاري الذي فهم اللعبة الجزائرية". وتابع المتحدث بأن "الجبهة ستكرر أسطوانتها المشروخة بحمل السلاح في وجه المغرب، في الوقت الذي قطعت فيه قضية الصحراء أشواطا مهمة، دبلوماسيا وسياسيا، من خلال لغة قرارات مجلس الأمن الدولي والاعترافات المتتالية للدول بمغربية الصحراء". وخلص أولاد مولود إلى أن "الوضع سيبقى على ما هو عليه"، مشبها الجبهة بجمعية ربحية كانت تحظى بمساعدات إقليمية، لكن تراجع هذه المساعدات يجعلها تنهار. مؤتمر محاصر بالنسبة إلى أستاذ القانون الدولي إدريس لكريني، فإن هذا المؤتمر "يأتي في ظرفية تحيل إلى مجموعة من المستجدات متصلة بتوجهات مجلس الأمن الذي أصبح يؤكد تجاوز الطروحات التي ظلت البوليساريو ترددها، خصوصا فيما يتعلق بخيار تقرير المصير بالشكل التقليدي الذي ترى فيه الانفصال كحل". وقال الدكتور لكريني، ضمن تصريح لهسبريس، إن الجبهة الانفصالية "محاصرة في مؤتمرها هذا بتأكيدات مجلس الأمن على الحل التوافقي، وتحميله الجزائر مسؤولية المساهمة في الحل، كما أضحى (مجلس الأمن) يتحدث عن الاستقرار الذي يعم الأقاليم الجنوبية، ثم قراراته التي تؤكد جهود المغرب فيما يتعلق بمبادرة الحكم الذاتي، ناهيك عن مواقف مجموعة من الدول من القضية، زيادة على الموقف الأمريكي الواضح الذي يدعم تصور المملكة للقضية، والموقف الإسباني ودعمه الحكم الذاتي واعتباره حلا واقعيا يطوي هذا النزاع". في مقابل ذلك، يضيف المتحدث، فإن "البوليساريو تعيش عزلة واضحة، وذلك راجع لتحجر مواقفها التي يبدو أنها لم تعد قادرة على استمالة أي طرف، وتبين أنها لا تبحث عن حل بقدر ما تبحث عن تأزيم الأوضاع". وسجل لكريني أن "التصعيد الأخير للجبهة ورفعها شعار العودة إلى العمل المسلح تزامنا مع المؤتمر، يعكس حجم الورطة التي تعيش فيها هي ومن يدعمها، والتخبط وإفلاس كل الطروحات التي استطاع المغرب مواجهتها".