من جديد، عاد زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، ليقرع طبول الحرب هروبا من أزماته الداخلية والاحتجاجات العارمة التي تطوق عنقه منذ أيام بمخيمات تندوف. ودعا زعيم ميلشيات البوليساريو، خلال اختتام اجتماع ما يسمى ب"هيئة الأركان العامة لجيش التحرير الشعبي الصحراوي" بمنطقة امهيريز العازلة، نهاية الأسبوع المنصرم، إلى "التحضير القتالي للمرحلة المقبلة تحسباً لأي طارئ". ولا يتوانى إبراهيم غالي عن ترديد الأسطوانة المشروخة نفسها، من قبيل العودة إلى "الكفاح المسلح"، كلما اشتد الخناق على الطرح الانفصالي وتراجع الدعم الدولي والأممي للكيان المهزوز. وشدد زعيم البوليساريو، في كلمته بالمناسبة، على "ضرورة التطبيق الصارم للبرامج العسكرية، والتركيز على التحضير القتالي والتكويني للمقاتل الصحراوي"، مضيفا أنه سيتم تحديد "الآليات الضرورية للاستعداد القتالي وآليات تنفيذ مختلف البرامج المتعلقة بالمقاتل لربح المعركة المصيرية". وتأتي هذه التهديدات في وقت دعت فيه قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة إلى "إسكات السلاح"، والبحث عن حل الأزمات والمشاكل عن طريق الحوار لتنمية القارة السمراء. ويرى نوفل البوعمري، باحث في القضايا الإفريقية وشؤون الصحراء، أن تصريحات إبراهيم غالي حول الاستعداد للحرب "هي رد فعل على حالة الصدمة التي تعيشها الجبهة في الفترة الأخيرة". وأوضح البوعمري، في تصريح لهسبريس، أن التلويح بالحرب بشكل متواتر في الأيام الأخيرة "ناتج عن حالة الصدمة التي يعيشونها جراء العمل الدبلوماسي الذي يقوم به المغرب في الأقاليم الجنوبية الصحراوية". وتابع بأن الخطوات التاريخية غير المسبوقة المتمثلة في فتح قنصليات إفريقية أجنبية في كل من العيون والداخلة، "شكلت إعلانا صريحا لفشل الطرح السياسي لجبهة البوليساريو، وسقوط أطروحة الدعاية المغرضة، وهو أكثر ما يخيف قيادة الجبهة وحوارييها". وأضاف المتحدث أنه "لا خيار لجبهة البوليساريو اليوم سوى هذه الخرجات الإعلامية التي يعلم الجميع أنه لا تأثير لها لا على المغرب ولا داخل المخيمات"، مردفا أن "ما يزيد من حجم أزمة الجبهة هو اتجاه الأممالمتحدة مع قرب صدور قرار مجلس الأمن حول الصحراء نهاية أبريل إلى تكريس الوضع القائم، أي وضعية السيادة المغربية على هذه الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية". وكان مؤتمر جبهة البوليساريو الأخير صادق على التحرك نحو المناطق العازلة التي تفصل الحدود المغربية الجزائرية بالجنوب، في خطوة تهدف إلى "نقل منشآت إدارية إلى أراضٍ مغربية متنازع عليها". واستغلت البوليساريو الفراغ الأممي لملف الصحراء وعدم تعيين الأممالمتحدة لخلف لهورست كولر لرفع وتيرة لغة التصعيد والخروقات، بينما يرى مراقبون أن الجبهة تضغط من خلال هذه التصريحات لتعيين وسيط أممي متعاطف مع أطروحتها.