يعيش قطاع التعليم العالي بفرنسا هذه الأيام موجة عارمة من الاضطرابات والإضرابات في صفوفه تهم الحركة الطلابية والأساتذة-الباحثين على السواء وتعرف تذمرا وسخطا كبيرين ضد سياسة حكومة ساركوزي التي تنوي تمرير جملة من التعديلات الجذرية في هذه القطاع. "" فقلما شاهدنا في المشهد النقابي في فرنسا انضمام وتكتل كل من النقابات الطلابية وتلك الخاصة بالأساتذة في نفس الخندق لخوض نفس المعركة، جنبا إلى جنب ضد الحكومة’ من اجل إرغام وزيرة التعليم العالي فاليري بيكيريس على الاستجابة والرضوخ لمطالبهم والتي تتمثل خصوصا في العدول عن هذه الإصلاحات وحثها على رفع ميزانية قطاع التعليم العالي بالتحديد في مجال البحث العلمي وإعانة الطلبة ماديا وتحسين ظروف عيشهم. توالت هذه الإضرابات منذ الأسبوع الماضي في أكثر من 74 جامعة فرنسية ، وهي في تزايد مستمر في حدتها بشكل يومي’ ما لم تستجب الحكومة لمطالب المضربين والجلوس معهم في طاولة المفاوضات. و دعا " اتحاد طلبة فرنسا" اكبر نقابة طلابية بفرنسا ذات التوجه اليساري كل الطلبة إلى تنظيم مظاهرة وطنية حاشدة يوم الثلاثاء القادم وأيضا إلى الانضمام ومساندة مطالب الأساتذة ، والتنسيق في مابين النقابات الأخرى بشكل فعال. وحسب ما ورد عن اكبر نقابة لأساتذة التعليم العالي فان " أكثر من 50 بالمائة من الأساتذة في كل الجامعات مضربون عن العمل وذالك بمقاطعة الدروس أو برفض إعطاء الطلبة نقط امتحانات الدورة الأولى" وهنا نوجز ابرز هاته الإصلاحات في ما يلي: فمثلا قانون " حرية ومسؤولية الجامعات" يهدف إلى الرفع من مستوى المردود للجامعة الفرنسية وذلك عبر الخصخصة، عن طريق الاستثمار برؤوس أموال للشركات الخاصة، من اجل خلق تنافسية بين مختلف الجامعات ، مما يؤدي إلى خفض تكاليف إعانات الدولة في هذا القطاع . أما في ما يخص المشروع الذي أزبد وارغد الأساتذة-الباحثين’ فهو يهدف إلى فرز نوعين من الباحثين "الجيدون" و " الضعفاء" وذلك عن طريق عرض أبحاثهم أمام لجنة مختصة في كل مجال على حده، مما سينعكس إيجابا أو سلبا على مرتباتهم ومدة عقودهم مع الجامعة التي يعملون بها في حالة سن هذا القانون. ومن اجل إلقاء مزيد من الضوء على هذه الإضرابات قامت "هسبريس " بإجراء مقابلة مع كالفينياك دميان احد قادة الحركة الطلابية، بنقابة " اتحاد طلبة فرنسا" بجامعة نانسي . ما هي مطالبكم الأساسية وأهدافكم من خلال هاته الإضرابات ؟ كالفينياك دميان : ان حكومة ساركوزي اليمينية تريد تقويض كل المكتسبات الطلابية . ما يزعمون بأنه إصلاحات فهذا غير صحيح بل تخريب للجامعة الفرنسية عن طريق الخصخصة. فهذا سيؤدي إلى الرفع في ثمن رسوم التسجيل وبذاك سيحرم ألاف الطلبة من فئات اجتماعية المحدودة الدخل بولوج الجامعة.لذا فنحن نطالب الحكومة بالعدول النهائي عن هذا المشروع. فقد ضخت حكومة ساركوزي عدة ملايير اورو لنجدة البنوك من الأزمة المالية الخانقة ولم تفعل أي شيء لهذا القطاع الحيوي . فأكثر من نصف الطلبة الفرنسيين مجبرون على العمل من اجل إكمال دراستهم الجامعية وهذا عار في بلد مثل فرنسا. لذا كنا قدمنا للدولة اقتراحا بخلق ميزانية خاصة تعنى فقط بالمنح لكل الطلبة بدون استثناء، ولم نلق أي رد ايجابي لحد ألان. نناشدالدولة برفع عدد المناصب في القطاع العمومي والرفع من مستوى الشواهد العليا عبر اغناء المنظومة التعليمية الجامعية. ونطالب أيضا بالاعتراف بكل الشواهد العليا عند التخرج. ما هو سبب انضمامكم ومساندتكم للأساتذة الباحثين المضربين؟ كالفينياك دميان : نحن نسعى لتكثيف الجهود مع مختلف النقابات في التعليم العالي وأخرى عمالية من اجل خلق مجموعة ضغط على الحكومة. خلال السنة الماضية تم حذف بشكل نهائي 900 منصب لأساتذة باحثين اي ما يعادل جامعتين كجامعتنا – نانسي-، وهذا يؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم العالي وأصبحت مثلا بعض المواد تغص بأكثر من 45 طالبا في الفصل الواحد وهذا شيء مخز في جامعاتنا. نحن ايضا ضد فرز الباحثين لنوعين " جيد" و " ضعيف" لان هذا ليس له أي أساس و سيعطي الذريعة للمسئولين الجامعيين على التعامل بشكل تعسفي مع الأساتذة وتسريحهم متى أرادوا. فنحن ساندنا منذ اليوم الأول إضراب 175 أستاذا في جامعاتنا إلى حد ألان. ماذا لو تجاهلت الدولة مطالبكم ؟ كالفينياك دميان: نحن لن نستكين لاملاءات السيدة فليري بيكريس بل سنشحذ كل قواتنا بالتنسيق مع باقي النقابات الأخرى لكي نرغمها على الرضوخ لمطالبنا المشروعة والعادلة. لان الأمر يتعلق بمستقبلنا والأجيال الصاعدة. لسنا بعبثيين ولا فوضويين بل مسئولين كل المسؤولية. لذا فان لم تصغ الحكومة سنصعد من وثيرة إضرابنا على المستوى الوطني، حتى ولو اضطررنا لشل الجامعة بشكل نهائي.