في الصورة نساء من منقطة امزميز حيث استفدن من رؤوس الماعز التي وزعتها الجمعية حينما تصبح الدولة غير قادرة على فتح التنمية ومحاربة الفقر والتهميش في بعض المناطق، يأخذ المجتمع المدني المبادرة ويبدأ في التغيير، هذا على الأقل ما تعكسه الصورة في منطقة "أمزميز" التابعة لعمالة وإقليم الحوز. "" ففي هذه المنطقة النائية والتي عاشت وتعيش منذ عقود على واقع التهميش والفقر وانعدام تام لأي مبادرة للتنمية والنهوض بأوضاع المواطنين، برزت شابة في بداية العشرينات من عمرها، تدعى عاتكة التايك. هذه الشابة المثقفة والحاصلة على الباكالوريا، قبل أن تتابع دراستها في المدرسة العليا للتجارة، ثم حصلت على دبلوم في التسيير السياحي والتدبير الفندقي في المدرسة العليا للتسيير، كما أنها حاصلة على الإجازة من الجامعة الدولية الخاصة شعبة: Management touristique et hôtelier, transport, restauration et hébergement بكل هذه الشواهد، ومع الكثير من الطموح في تغيير منطقتها، غيّرت هذه الشابة معالم منطقة بكاملها، ورسمت لساكنة "أمزميز" صورة للأمل، حينما أسست سنة 2007 جمعية تعنى بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمرأة القروية بجماعة " أزكور التابعة ترابيا وإداريا لجماعة أمزميز"، حينها بدأت معالم هذه الجماعة تتغير وبدأ حال نسائها يتغير أيضا، فمن الفقر والتهميش والعزلة، إلى مراكمة خبرة لا بأس فيها في تسيير مشاريع صغير مدرة للدخل تكبر مع الأيام. هذه المشاريع أصرت هذه الشابة على خلقها في منطقتها وخلق تنمية بشرية بمفهومها الحقيقي المطابق لخصوصيات المنطقة التي تعتمد على الفلاحة وتربية المواشي والصناعة التقليدية التي لم تعد مورد عيش بعدما لم تلقى الرعاية الكافية، كما لم تساهم السلطان في تسويقها كي تنمو وتجد لها المناخ الصحيح لتصبح مورد دخل قار للساكنة. في هذا السياق، قامت الجمعية بمادرات نوعية في جماعة "أمزميز" وبالخصوص في دوار "المدينات" حيث استفادت 13 امرأة قروية من رأسين للماعز بشكل مجاني من طرف الجمعية، مع تأكيد الجمعية للمستفيدات أن عليهن إعطاء أول مولود من رأسي الماعز إلى الجمعية كي تعيد توزيعها على نساء أخريات. كما أن الجمعية عملت في توزيعها لرؤوس الماعز هاته على النساء المطلقات اللواتي يعشن حالة ترمل ويعانين من غياب مدخول قار للعيش، لهاته الفئة كانت الأولوية نظرا للحالة الاجتماعية التي يعشن عليها كما صرحت بذلك رئيسة الجمعية عاتكة التايك ل "هسبريس"، وبالتالي جاءت هذه المبادرة كي تخلق أملا جديدا لهاته الفئة من النساء من خلال رعاية مشاريع صغيرة وفرتها الجمعية ومنحت للمستفيدات منها حق رعايتها. عاتكة التايك، رئيسة هذه الجمعية صرحت أيضا ل"هسبريس" من قمم جبال "أمزميز" الباردة أن برنامجها المستقبلي الذي ستبدأ العمل عليه في القريب هو خلق تعاونيات للحليب من أجل دعم منتوج الفلاحين وجعله يسوق بشكل جيد كي يعود عليهم بمدخول مادي يوازي المجهود الذين يقومون به. ورغم كل هذا النجاح الباهر الذي حققته الجمعية في خلق العديد من المشاريع في المنطقة وجعلها منطقة حية بفضل مجهود شابة حملت على عاتقها هَم منطقتها، إلا أن الرغبة تبقى كبيرة عند عاتكة التايك كي تطور من المشاريع التي تقدم للساكنة، فجمعيتها تضم أكثر من 100 من النساء المنخرطات فيها، لكن المستفيدات هن أقل بكثير من هذا العدد، لذا تطالب عاتكة التايك من كل المهتمين بتطوير الحياة الاجتماعية لهذه المنطقة النائية أن يمدوا يد المساعدة كي يتحقق الحلم الكبير في جعل المنطقة نموذجا حيا للعديد من الجماعات في تطوير نفسها وفق إمكانياتها الخاصة. برنامج عاتكة التايك لسنة 2009 هي تشكيل خلية لمحاربة الأمية في المنطقة التي تعاني من نسبة أمية كبيرة، لهذا فرئيسة الجمعية تطمح لتغيير اللاوعي بالوعي من خلال هذا البرنامج الطموح الذي تبحث له عن تمويل، كما تحاول خلق بيوت مخصصة للصناعة التقليدية وتطويرها والتعريف بها على نطاق واسع من أجل تسويقها، كما هناك مشروع لتطوير الزربية البربرية بالاعتماد على نساء المنطقة، هذا بالإضافة إلى ترأس عاتكة التايك للجنة تزويد الملح باليود في جماعة أزكور، حيث قامت هذه اللجنة بالعمل على بناء معمل لهذا الغرض في عمالة "تاحناوت"، إذ تعتبر منطقة "أمزميز" من أكبر المناطق في المغرب التي يعاني سكانها من مشاكل هشاشة العظام الذي يرجع للنقص الحاد في مادة "اليود"، كما أن نسبة الإصابات من خلال هذا النقص في هذه المادة هو 90 في المائة من مجموع السكان في هذه المنطقة، وهو المسبب أيضا وبشكل مباشر في الإعاقة الذهنية والإجهاد والتشوهات الخلقية وأمراض أخرى .. كما تفكر عاتكة التايك في خلق مشروع تصنيع الكسكس البربري بشكل يدوي من طرف نساء المنطقة أيضا قبل تغليفه كمنتوج قابل للتسويق، كما أن هذه الشابة ترأس أيضا لجنة التخطيط الخماسي بجماعة "أزكور" وترمي من خلال هذه اللجنة خلق مشاريع متوسطة تراعي خصوصية السكان وتوافق مؤهلاتهم في تطوير هذه المشاريع وجعلها بالفعل قاطرة في تغيير المنطقة بكاملها. كل هذا المجهود قامت به هذه الشابة في صمت وقوة إيمان وإصرار بأن الواقع يمكن أن يتغير إن توفرت الإرادة، دون انتظار لا وزارة نزهة الصقلي ولا وزارة عباس الفاسي في الاهتمام بمنطقة مازال هؤلاء يعتبرونها في خانة المغرب الغير النافع. [email protected]