رسالة خاصة لبن كيران نسألك الرحيلا، لأجل هذا الذي نما ذات حلم بيننا.. لخير ما شيدناه معا ذات خيبة وانكسار.. لقد استنبتنا الحلم من ظهر المستحيل.. نسألك الرحيلا.. باسم حب رائع حفر على قلبنا وإن نسيته في زحمة اهتماماتك بما بدا لك كبيرا.. بحق ما وعدتنا به وبما كتبته إلينا من رسائل عشق، وبما أنعشت من آمالنا في الرفع من سقف التنمية وحفظ كرامة العجزة والمرضى والمقصيين من سياساتنا العمومية.. بحق ما أيقظته فينا من أحلام عذبة وما وهبناك إياه من ثقة.. حتى داعبنا الآمال البعيدة.. من القضاء على الفساد حتى الزيادة في الأجور.. نسألك الرحيلا.. نحن لم نلتمس منك المستحيلا، ما التمسنا منك أن تطارد الساحرات أو تصرع عفاريت الأرض والسماء.. طموحنا بقدر اللحاف الذي نمد عليه جثثنا كلما هجعنا إلى منازلنا بعد رحلة من كد وتعب.. ألا نغمس خبزنا بملح دموعنا وألا تجوع الحرة منا فتأكل بثدييها، وأن تحفظ كرامة من اغتصبتهم الحياة منا، هل طلبنا المحالا.. حلمنا معك فقط أن نعيش كمواطنين أحرار في وطن حر، وأن نتنفس هواء نقيا ونحس بأن شرفنا وكرامتنا غير مغموسة بالوحل.. وأن تفي بما وعدتنا به والذي على أساسه أعليناك في مقام الحاكمين.... نسألك الرحيلا .. لنفترق قليلا لخير هذا الحب يا حبيبي، وخير هذا الشعب .. نحن لا نريد أن نكرهك ولا حزبك لا قليلا ولا كثيرا.. ما أعليناك فوق جراحنا لنراك ملاكا، ولا التمسنا منك أن تخاصم الملك والملكية، وألا تتمتع بما يجدر أن يكون لك من نعيم وأنت في قلب الجحيم، ما اشتهينا أن تنصب لنا بين جبل توبقال وجبل أوكيمدن قنطرة من ذهب.. أو أن تجلب لنا حليب العصفور وأن تلد البغال على يديك.. نحن البسطاء المكتوون بنار الفساد.. الذين اختلست منهم الأموال والأماني والحق في الفرح وما عادوا قادرين على اليأس أكثر مما يئسوا.. نسألك الرحيلا.. من ذكَر غالية كانت على كلينا.. بحق حب رائع كان أكبر من كلام شفاهنا، فالطير في كل موسم تفارق الهضابا والشمس يا بن كيران تكون أحلى عندما تحاول الغيابا.. نسألك الرحيلا.. فقط لتكون وفيا لما تبقى لك من وعد، ألم تجعل من نفسك فارسا يقود أمانينا نحو المحال.. وأعليت من شهواتنا فاتسعت رئانا لهواء أكبر ونمت رؤانا شوقا لما لم نره في معيشنا.. فكان ذلك علينا وبالا. حتى وأنت تطوي السنين في الحكم تغدو صباحا ومساء بين زنقة الأميرات والمشور السعيد وبيتك في زنقة جان جوريس بحي الليمون، بين نعيم الفتيات الحسان وابتساماتهن مثل مضيفات الطائرات، ما الذي سيذكرك بحرقة "أمي يزة" في دوار الحاجة التي فاق صبر صبر أيوب وهي تر الدود الذي ينهش جسدها، ولا حول ولا قوة لها، وبا "سكالا" الذي دفع بناته للحصول على القوت بعرق غروجهن بعد أن سدت كل الأبواب في وجوههن... نسألك الرحيلا.. لأنك خيبت آمالانا وما عدت الفارس الذي تشتهيه النساء منا، والأزهار التي أهديتنا إياها ذبلت في مزهريتنا قبل أن يجف رضاب مياهها، سأمنا انتظار القطارات التي لا تأتي في موعدها والسنونو الذي لا يبشر بالربيع.. كما سأمنا نكتك وسخريتك التي لم تعد تطرب فينا أحدا.. لأنها لا تجلب الدواء لمريض ولا تطعم زغب الحواصل من جياعنا. نسألك الرحيلا.. فقط لتظل ذكرى حبنا لك جميلا.. ما عدنا نطيق موالك القديم حول التغيير والتنزيل السليم للدستور وباقي الوعود أجمعينا، لم نعد قادرين على اشتهاء المستحيل وكل أحلامنا القديمة غدت مثل قش تدروه الرياح، لم تنسينا يا بن كيران بؤس البكاء وشظف العيش وهذا الفقر المدقع والمرض المنتشر فينا، ما عادت لمعاركك آثار من دخان ونار.. نراك من خلالها قاهر العفاريت والتماسيح، وها قد صار حبنا لك اعتيادا وشوقك رمادا.. ما عدت لآلامنا أكثر اقترابا، لذلك نسأل الذهابا.. فقط لأننا نريد أن نفترق ونحن عاشقين يسكننا الحب والحنان والسلام فنحن شعب مسامح ونخاف أن نمل الوصالا.. لذلك نسالك يا بن كيران الرحيلا.