قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إن التحديات والمخاطر الناتجة عن الرقمنة والتكنولوجيات في تنام مستمر، خاصة مع تزايد وتسارع التعامل الرقمي في الخدمات المالية. ووقف والي بنك المغرب في كلمته خلال ندوة دولية بعنوان "التحول الرقمي بين التقنين والتنافسية"، من تنظيم مجلس المنافسة، بمراكش، عند مخاطر استعمال التكنولوجيات المعلوماتية بغرض غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والمخاطر المتعلقة بحماية المستهلكين، إلى جانب تزايد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف القطاع المالي. وشدد والي بنك المغرب، في هذه الندوة التي تحظى بالرعاية الملكية، على رهانات التطور الكبير نحو الثورة الرقمية التي توسع مداها خلال السنوات الأخيرة على الصعيد الدولي، وتأثيراتها على التقنين والمنافسة. وأبرز المسؤول ذاته أن التكنولوجيا الرقمية أثرت بشكل عميق على أنماط الإنتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك، التي كانت لها تداعيات على المنافسة، والتقنين، والأسواق، والابتكار، والشغيل، والنمو الاقتصادي، والمجتمع والأفراد. وأشار إلى أن هذه التأثيرات من شأنها أن تفضي إلى ظهور نماذج اقتصادية جديدة، حاملة لرهانات تنافسية وتقنينية جديدة تدعو إلى أشكال حديثة من التقنين الاقتصادي والحكامة. وأوضح أن المنصات الرقمية المتسارعة دفعت البنوك والمؤسسات المالية إلى التكيف مع التحديات التي تطرحها، وذلك من أجل ضمان استمرارها ومواجهة المنافسة المطروحة في السوق، داعيا إلى تقنين هذه الوسائط والخدمات المرتبطة بها من أجل وضع حد للمخاطر المطروحة. وأمام هذا التطور الملفت، دعا الجواهري السلطات العمومية إلى التدخل بما يسمح به القانون من أجل الحفاظ على الملاءمة القانونية لضمان شروط التطور السليم للخدمات المالية. وقال إن عددا من الدول تبنت قوانين تقنين الخدمات والتكنولوجيات الرقمية، ضمنها بريطانيا التي أطلقت استراتيجية رقمية وطنية مباشرة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، واليابان التي أطلقت قانون الشفافية والعدالة في المنصات الرقمية. وذكر الجواهري أن البنك المركزي يلعب دور المنظم للمعاملات، سواء تعلق الأمر بالقطاع العام أو الخاص، قائلا: "نعطي أهمية لتنويع الخدمات، كما وضعنا التحول الرقمي ضمن استراتيجية البنك عبر تطوير نظام عمل شفاف وعادل". وبخصوص منع العملات الرقمية، أورد والي بنك المغرب أن "هناك من عاتبنا جراء هذا القرار"، مبرزا أن "هناك لجنة مختلفة الأطراف تعمل على إعداد قانون لتنظيم هذه العملات الرقمية، ويتم ذلك على مستوى البنك المركزي مع دعم بعض المؤسسات الدولية ومشاركة بنوك دولية سبق لها أن نهجت هذا القرار". وتعرف هذه الندوة مشاركة ممثلي هيئات الحكامة، وهيئات المنافسة، وفاعلين واقتصاديين، ومنظمات دولية وإقليمية، فضلا عن خبراء ومتخصصين في المجالات القانونية والاقتصادية والمالية.