ما إن يهدأ الجدل بخصوص تداول العملات الافتراضية حتى يعود إلى الواجهة من جديد بالمغرب، وإن بصيغة التقنين وفرض القيود. ففي خضم التطورات المتسارعة الرقمية الدولية، تدخل السلطات المالية على الخط وتدعو إلى الإلتزام التام بالقوانين التي تحظر استعمال العملات الافتراضية، وذلك وفق بيان مشترك للبنك المكزي المغربي ومكتب الصرف والهيئة الوطنية لسوق الرساميل. فعلى مستوى استعمال العملات الرقمية، يحتل المغرب الرتبة الثانية عربيا خلف مصر، والمرتبة 24 عالميا. ومنذ صدور قرار المنع عام 2017، الذي ينص على حظر تداول عملة البتكوين، وتحديد غرامات تطال المخالفين لقانون الصرف الجاري به العملن لم ينجح القانون في الحد من تداولها رقميا.
بيان البنك المركزي ومكتب الصرف والهيئة الوطنية لسوق الرساميل، أورد أن رغم التنبيهات السابقة بخصوص المخاطر المرتبطة باستعمال العملات الافتراضية مثل البتكوين، فقد تمت معاينة استمرار بعض الأشخاص الماديين والمعنويين في استخدام هذا النوع من العمليات، فالأمر بحسب البيان "يتعلق بنشاط غير مقنن ويتسم بنوع كبير من التقلب يتسبب في غياب أي حماية بالنسبة للمستهلك".
وفي تصريح ل "الأيام 24" يقول الحسين الفرواح، أستاذ بالتعليم التقني العالي، إن السياق والسيرورة التاريخية انعكست بشكل ملحوظ على تطور العملات الرقمية التي بلغت دروتها خلال جائحة كورونا وساهمت في تزايد اهتمام الأفراد والشركات والدول.
ولفت المتحدث أن هذا "النوع من النقود تتميز بسرعة الاستعمال وارتفاع قيمتها بشكل ملفت للنظر، وهذا يفتح الباب أمامها لتحتل مراتب أعلى سلم التداول، فهناك دراسات تؤكد أن العملات الرقمية قد تحل في المستقبل محل الذهب كخزان للقيمة".
وعن حالة المنع والرقابة المفروضة على التداول العملات الافتراضية بالمغرب، يقول أستاذ الإقتصاد أنه مهما قاوم النظام التقليدي للتداول المالي، سيأتي وقت لينخرط البنك المركزي والتجمع المهني للأبناك في هذا التحول الحاصل في ميدان العملات الرقمية، ما يعني بحسبه ضرورة التفكير في بلورة تداول جديد يوازن بين النظامين، وبالتالي إحداث عملة رقمية "الدرهم الرقمية" على غرار ما ذهبت في اتجاهه فنزويلا التي أحدث عملة خاصة بها "بتروpetro".
ورغم الأرقام التصاعدية للعملات الافتراضية، لم يجري أي تغيير من حيث التشريعات في السنوات الأخيرة، لمواكبة العملات الرقمية بالمغرب، في وقت دخل قانون عام 2017 حيز التنفيذ، غير أنه لم يعرقل الحظر في عمليات تداول العملات المشفرة من جانب المغاربة، وتم التعامل معه على أنه ظاهرة ظرفية لن تستمر طويلا، لكن في تقدريري فإن العملات الإلكترونية ستزداد قوة وستفرض نفسها في المشهد الاقتصادي العالمي، بما في ذلك المغرب.
وخلال بداية العام الجاري كان البنك المركزي ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة قد حذرا، من خلال حملة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، من مخاطر الاستثمار في العملات الرقمية ك"بيتكوين". واعتبرا أنها عملات افتراضية لا وجود لها في الواقع وتحمل الكثير من المخاطر.
كما حذّر عبد اللطيف الجواهري، والي "بنك المغرب"، من مخاطر استغلال التكنولوجيا الحديثة في جرائم غسل الأموال، منبها إلى أن الاندماج المالي الذي يتم عن طريق التطور التكنولوجي تترتب عنه آثار عكسية نتيجة استغلال المنظمات الإجرامية للقنوات الرقمية.