أكد والي بنك المغرب، السيد عبد اللطيف الجواهري، اليوم الأربعاء بالرباط، أن مجال تنظيم الأسواق والمبادلات أصبح يواجه تحديات معقدة و »غير مسبوقة »، خاصة أمام ظهور الخدمات الرقمية ونشوء العمليات المباشرة عبر منصات رقمية على شاكلة خدمة « أوبر »، والمخاطر المتعددة الناجمة عن جرائم الفضاء الإلكتروني. وشدد السيد الجواهري، الذي كان يتحدث بمناسبة انعقاد ندوة دولية حول « سياسات وقانون المنافسة .. تجارب وطنية وشراكة دولية »، المنظمة من قبل مجلس المنافسة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على أن تنظيم الصناعات والخدمات الناشئة، يقتضي اتباع مقاربة تجمع بين المرونة الضرورية لظهورها وازدهارها، والصرامة اللازمة لتجنب أي انزلاق ولتفادي أي آثار سلبية على المستهلكين وعلى النشاط والاستقرار الاقتصاديين. وعلى مستوى القطاع المالي، سجل السيد الجواهري أن الصعوبات الكثيرة التي أفرزتها الأزمة المالية لسنة 2008، إلى جانب ما ينطوي عليه التعامل الرقمي من تداعيات، أدت إلى تشديد غير مسبوق للنصوص التنظيمية البنكية، مضيفا أن السلطات التنظيمية أصبحت مطالبة بتحقيق أمر صعب ودقيق في نفس الوقت، ألا وهو إرساء وإبقاء التوازن بين تشديد القواعد الاحترازية من أجل ضمان الاستقرار الضروري للقطاع البنكي والمالي، من جهة، وتليينها لتعزيز تسهيل التمويل والمساهمة في إنعاش الاقتصاد، من جهة أخرى. وسعيا إلى الحفاظ على الاستقرار المالي، يقول والي بنك المغرب، تعمل السلطات التنظيمية للقطاع المالي سوية في إطار لجنة تنسيق تم إحداثها بموجب القانون لتتولى مهمة مراقبة المخاطر النظامية. وأوضح أنه على مستوى القطاع البنكي، يتبنى بنك المغرب مقارية تقوم على الحوار والاستماع المستمر للمؤسسات الخاضعة، وعلى إنجاز دراسات لقياس الأثر، والتنفيذ التدريجي للتعليمات، مبرزا أن البنك يتوخى من خلال هذه المقاربة ضمان امتثال النظام البنكي ومتانته، مع الحد من الآثار السلبية التي قد تمس بقدرته على تمويل الاقتصاد. من جهتها، أبرزت الأمينة العامة المساعدة لمؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، إيزابيل دورانت، الجهود المبذولة من طرف المغرب بهدف جعل مجلس المنافسة مؤسسة دستورية تضطلع بدور « جوهري » من شأنه ضمان محاربة كافة أشكال الاتفاقات غير القانونية للمقاولات. وأعربت السيدة دورانت عن قناعتها في كون أن المغرب سيثري النقاش الدولي الدائر حول التعقيدات الجديدة التي بات يواجهها الاقتصاد الرقمي، بما فيها الاثر على القانون وسياسات المنافسة، مؤكدة أن منظمة (الأونكتاد) ستواصل دعمها لهذه النقاشات، بهدف الدفاع عن اقتصاد يحقق الفرص لكافة المقاولات ويحمي المستهلك. وعلى هامش هذه الندوة، جرى التوقيع على اتفاقيات شراكة بين مجلس المنافسة وهيئة المنافسة البرتغالية من جهة، واللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من جهة أخرى. وتروم هذه الندوة الدولية، التي تعتبر الأولى من نوعها منذ إعادة تفعيل مجلس المنافسة من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 17 نونبر 2018، تقييم مدى التقدم الحاصل في مجالات قانون وسياسات المنافسة، وإبراز أهم التحديات المطروحة أمام السلطات الوطنية للمنافسة. كما ستشكل منصة لاستخلاص الدروس والعبر من التجارب التي ستتم دراستها خلال هذه الندوة، وذلك بغرض تقاسم الممارسات الجيدة الكفيلة بجعل المنافسة أداة فعالة في تحقيق الديمقراطية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية تماشيا مع حاجيات وانتظارات المواطنين من جهة، ومتطلبات المقاولات من جهة أخرى. وسيناقش خبراء وباحثون وطنيون ودوليون، على مدى يومين، مواضيع تشمل، بالخصوص، الثورة الرقمية وآثرها على القانون وسياسات المنافسة والحكامة العالمية للمنافسة.