حذر مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من تضرر انتعاش الاستثمارات العالمية من نزاعات محتملة حول سعر صرف. وأوضح مسؤول بشعبة الاستثمار والمشروعات ب(أونكتاد) أن نزاعات الدول بشأن سعر صرف العملات يعمق حالة عدم اليقين التي تدفع الشركات للإحجام عن الاستثمار في الخارج، متوقعا في هذا السياق، نشوب ما أسماه بحرب للعملات. ويندرج هذا التحذير ضمن سلسلة تحذيرات كشف عنها صناع السياسة بخصوص اتجاه العالم صوب حرب عملات أو أنها قد تكون نشبت بالفعل، خصوصا في ظل سعي حكومات إلى خفض سعر صرف عملاتها لجعل صادراتها أكثر تنافسية. وأضاف هذا المسؤول أن خفض سعر العملة لتعزيز القدرة التنافسية سلاح ذو حدين إذ في الوقت الذي يمكن أن تجتذب فيه هذه العملية التدفقات الاستثمارية على الدول بجعل الاصول رخيصة وبتعزيز قدرة الصادرات على المنافسة، فإنها قد تخفض من قيمة أرباح الشركات من وحداتها الأجنبية ما سيكون له انعكاس سلبي على جاذبية الاستثمار بتلك الدول. وكشف مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية، الذي تحظى متابعته لتدفق الاستثمارات العالمية باهتمام رجال الأعمال والاقتصاديين في العالم، عن تراجع الأرباح, التي يعاد استثمارها والمشكلة عادة لثلث الاستثمارات الاجنبية المباشرة، خلال الربع الثاني من السنة الجارية، خصوصا وأن الشركات تعيد في الغالب الأرباح المستخلصة من استثماراتها في الخارج إلى بلدانها الأصلية ترقبا لمزيد من انخفاض العملة. وتشير أحدث تقارير (أونكتاد)، الراصدة لتوجهات الاقتصاد العالمي، إلى تراجع إجمالي تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحوالي 25 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي مقارنة مع مستوياتها في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية وبحوالي 15 في المائة عن مستواها قبل عام. وتوقع (أونكتاد) أن تستقر تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يمثل المصدر الرئيسي للتمويل بالنسبة لكثير من الدول النامية، عند 1.12 تريليون دولار هذا العام بتغيير طفيف عن مستواها البالغ 1.11 تريليون دولار المسجل عام 2009، وب40 في المائة أقل مما حققته (2.1 تريليون دولار) سنة 2007 وأقل من متوسط الرقم المسجل سنة 2005 بنسبة 25 في المائة. وعلى صعيد متصل من المتوقع أن يجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من 187 دولة عضوا في صندوق النقد الدولي بدءا من الجمعة المقبلة في واشنطن مع تزايد القلق من السياسات الحمائية المتزايدة. وفي الأسابيع الأخيرة اعترف ما يقرب من 12 من الحكومات بشراء العملة المحلية على أمل تخفيض سعرها لجعل الصادرات أرخص. ومن جهته حث المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان الحكومات على مقاومة استخدام العملات «كسلاح سياسي». وقال في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز «إن ترجمة مثل هذه الفكرة إلى أفعال، من شأنه أن يمثل خطرا كبيرا جدا على الانتعاش الاقتصادي العالمي, وأن أي نهج من هذا القبيل سيكون له آثار سلبية وضارة جدا على المدى البعيد». ويصر المسؤولون الأميركون على ضرورة أن تنكب اجتماعات صندوق النقد الدولي المقبلة على معالجة «أسعار سوق النقد الموجه»، ودور الصندوق المتنامي في «إعادة التوازن» للاقتصاد العالمي. وقال مسؤول أميركي «إن أكثر البلدان التي كانت تعتمد بشكل مفرط على الصادرات إلى الولاياتالمتحدة في الفترة التي سبقت الأزمة سوف تحتاج إلى تغيير سياساتها». وكان مجلس النواب الأميركي وافق أواخر الشهر الماضي على مشروع قانون يسمح بفرض إجراءات عقابية تجارية على الصين بحجة التلاعب بعملتها. من جهته حذر صندوق النقد الدولي من تداعيات استمرار ضعف القطاع المالي العالمي، خاصة في ظل أزمة ديون دول منطقة اليورو. يأتي ذلك قبيل اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بواشنطن، وسط قلق متزايد من أن الانتعاش البطيء يؤجج سياسات حمائية متزايدة. وقال الصندوق في تقريره النصف النوي عن حالة الاقتصاد العالمي إن هذه الأزمة تمثل عقبة على طريق تعافي الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية التي اندلعت خريف 2008. وأكد مدير إدارة أسواق المال والنقد في الصندوق خوسيه فينالز أن «النظام المالي العالمي ما زال في مرحلة غموض كبيرة، وما زال يمثل نقطة الضعف الأساسية بالنسبة للتعافي الاقتصادي».وأضاف أنه «ما زال هناك الكثير من العمل مطلوب من أجل ضمان الاستقرار المالي للعالم». وعلى مدى ثلاث سنوات من الأزمة المالية، عانت البنوك من خسائر استمرت حوالي تسعة أشهر على خلفية الأزمة.ولا تزال البنوك في حاجة إلى شطب ديون متعثرة بقيمة نحو 550 مليار دولار من إجمالي 2.2 تريليون دولار لديها. وأكد فينالز أن الصندوق ما زال يتوقع رؤية تحسن تدريجي في القطاع المالي خلال العام المقبل، لكن مسار التعافي سيتوقف على «حسم» البنوك والحكومات في إصلاح الأضرار المتبقية لدى القطاع. وشدد صندوق النقد على ضرورة مواصلة إجراءات حفز الاقتصاد القوية من أجل الحفاظ على استقرار القطاع المالي، واقترح مواصلة قروض البنوك المركزية للبنوك الخاصة لفترة أطول من المتوقع.