أكد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، على استقلالية مجلس المنافسة، وعلى أهميته في تطوير المنافسة الحرة الشريفة على المستوى الاقتصادي ومحاربة كل أشكال الريع والاحتكار والفساد. وشدد العثماني اليوم الأربعاء بالرباط على أن الحكومة تسعى إلى تحقيق الشراكة مع المجلس، كما تلتزم بدعمه لتمكينه من القيام بدوره على الوجه الأكمل كضامن للمنافسة الحرة في الحقل الاقتصادي. جاء ذلك خلال مداخلة له في ندوة دولية حول موضوع "سياسات وقانون المنافسة: تجارب وطنية وشراكة دولية"، ينظمها مجلس المنافسة ويشارك فيها ثلة من رؤساء السلطات الوطنية للمنافسة عبر العالم، وممثلي المؤسسات والمنظمات الدولية و الجهوية المعنية بقضايا سياسات وقانون المنافسة ، وكذا خبراء و مختصين وباحثين في هذا الميدان. وأضاف العثماني أن مشاركته في الندوة تترجم الانشغال المؤسساتي للمغرب بأهمية الأدوات والآليات المؤسساتية التي تمكن من المساهمة في استقرار الأسواق ورفع درجة المنافسة الحرة والشريفة في مناخ عالمي يتميز اليوم بتغيرات فجائية وتطورات ذات طابع اقتصادي ومالي واجتماعي وسياسي غير متوقع في كثير من الأحيان. وأوضح أن مجلس المنافسة يلعب في هذا الإطار دورا طليعيا في منع الممارسات المنافية للمنافسة الشريفة وضبط وضعية المنافسة في الأسواق ومراقبة الممارسات المنافية وضبط عمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار، مشيرا أن دستور 2011 في مادته 166 مكن مجلس المنافسة من اختصاصات هامة كهيئة تقريرية مستقلة في هذا المجال مكلفة بضمان الشفافية والإنصاف قي العلاقات الاقتصادية. وشدد رئيس الحكومة على أن تحقيق مبادئ المنافسة يتيح الاستثمار الأمثل للموارد وهو ما يمكن من توزيع افضل للثروات ومنع الاحتكار من قبل الافراد والمجموعات والشركات وإقرار ديمقراطية اقتصادية مقرونة بعدالة اجتماعية، حيث أقر الدستور في المادة 36 على أن القانون يعاقب على الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز ووضعيات الاحتكار والهيمنة وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة. وتابع العثماني أن الحكومة منشغلة بتطوير النسيج الاقتصادي والمقاولة وبتحفيز الاستثمار في إطار المبادئ المؤطرة للمنافسة الحرة والشريفة، حيث قامت في هذا السياق بمجموعة من الإصلاحات القانونية والتنظيمية كتعزيز منظومة محاربة الرشوة والفساد واعتماد قانون الحق في الحصول على المعلومة والشروع في تنفيذه. من جهته، قال عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، إن الثورة الرقمية أدخلت تحولات عميقة على عملية الانتاج وتنظيم الأسواق والمبادلات حيث بات مجال التنظيم واستتباب شروط المنافسة يواجه تحديات معقدة وغير مسبوقة أمام ظهور الخدمات الرقمية ونشوء العمليات المباشرة عبر منصات رقمية. وأوضح الجواهري أن الطفرة التي يشهدها إنتاج المعطيات الشخصية واستخدامها في خلق قيمة مضافة يطرح العديد من التحديات فيما يتعلق بالمنافسة، كما تشكل شبكات التواصل الاجتماعي ومعضلة الأخبار الزائفة مثالا آخر على تداعيات الثو ة الرقمية والتحديات التي تفرضها في مجال التأطير. وتابع أن التردد في اختيار المقاربة المناسبة للتعامل مع تطور الأصول المشفرة والعملات الرقمية يشكل مثالا آخر للصعوبات التي تواجه السلطات الوطنية في سعيها لاستيعاب العواقب الناجمة عن الابتكارات التكنولوجية. وشدد الجواهري على أن تنظيم الصناعات والخدمات الناشئة بات يستدعي إتباع مقاربة تجمع بين المرونة الضرورية لظهورها وازدهارها، والصرامة اللازمة لتجنب اي انزلاق ولتفادي أي اثار سلبية على المستهلكين وعلى النشاط الاقتصادي. بدوره، قال إدريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة، إن النظام الاقتصادي العالمي بات يعرف ظهور جيل جديد من الحروب التجارية التي نتج عنها إفراز ممارسات منافية للمنافسة الحرة والنزيهة من نوع جديد من مخلفاتها زعزعة الاستقرار المالي والاقتصادي للدول، والتخلي التدريجي عن المسؤولية الجماعية في تدبير العلاقات التجارية الدولية،وهو ما يؤدي إلى إضعاف دور المؤسسات والمنظمات الدولية والجهوية الأممية المختصة. وأوضح أن انفتاح الأسواق وشملنة المبادلات وحرية تنقل البضائع والرساميل والتكنولوجيات والكفاءات بدأ يطرح عدة تحديات على هيئات وسلطات المنافسة، مشيرا أن تمظهرات هذا الواقع الجديد تتجلى في كون مشاريع التركيزات الاقتصادية أصبحت عابرة للحدود الوطنية وباتت سلطات المنافسة أمام عمليات اندماجات اقتصادية عبر قطرية كما أن الممارسات المنافية لقواعد المنافسة تتعدى تأثيراتها حدود الأسواق الوطنية التي وقعت فيها لتشمل أسواق قارية ودولية. وأضاف أن هذا الواقع بات يفرض على السلطات الوطنية للمنافسة ضرورة ملائمة التشريعات والقوانين ووضع الآليات والمساطر الناجعة، مؤكدا في هذا السياق أن القانون المغربي خول لمجلس المنافسة مهام السهر على تنظيم منافسة حرة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة داخل الأسواق، حيث تم وضع قوانين تمكن المجلس من الاضطلاع بالأدوار المنوطة به، وذلك بمنحه إمكانية اتخاذ القرارات، وبالتالي تجاوز صفته الاستشارية دون إلغائها.