على الساعة السادسة من مساء يوم أمس الأربعاء ، تبدو حركة الناس عادية كما في باقي الأيام حول سينما "ريالطو" (الصورة) التي ستحتضن حفل افتتاح المهرجان . "" كل شيء هنا لا يوحي بوجود مهرجان للسينما . أصحاب المحلات التجارية يختبؤون خلف زجاج محلاتهم التي يختص أغلبها في بيع الملابس الجاهزة والمجوهرات وقطع الصناعة التقليدية ، ويترقبون بعيون متفحصة زبناءهم الذين يتشكلون من السياح الأجانب ، والذين يبدو أنهم أصبحوا نادرين في هذه الأيام الباردة . نفس الهدوء يعرفه "السوق البلدي" المطل على السينما . في ساحة سينما "ريالطو" ، تنتصب خيمتان تتوسطهما طاولات لا أحد يعرف من سيجلس إليها ، باستثناء منظمي المهرجان . الخيمتان ، سيظهر فيما بعد أنهما تصلحان للاحتماء من لسعات البرد القارس الذي يهب على أكادير من البحر . داود أولاد السيد رفقة سعاد حميدو كانا أول من احتمى من البرد في الخيمة . وبجانب باب السينما لافتة كبيرة تتضمن البرنامج الكامل للدورة السادسة لمهرجان السينما والهجرة . وبين فينة وأخرى يأتي مواطنون مثنى وفرادى ، يطالعون محتوى البرنامج على اللافتة ، وينصرفون عندما يعلمون أن حفل الافتتاح لن يبدأ إلا على الساعة السابعة والنصف . من مئذنة "مسجد لبنان" المجاور ، يرتفع صوت أذان صلاة المغرب ، وبعد الأذان يفد على ساحة السينما تسعة من رجال القوات المساعدة . يأخذون أماكنهم على يمين الباب ، وبجانبهم أربعة من رجال الشرقي الضريس . البوليس زعما ، سينضاف إليهم زملاؤهم بلباس مدني ، لكن بعد حضور ضيوف المهرجان . مع اقتراب الساعة السابعة ، تم إخلاء الساحة الخلفية للسينما من السيارات التي كانت تربض هناك . هنا سينزل الممثلون والمخرجون وضيوف المهرجان من السيارات التي ستقلهم من فندق "ألموكار" حيث تم الحجز لضيوف المهرجان . وكان من الطريف أن إحدى السيارات تعطلت وسط الساحة ، وظل صاحبها يحاول تشغيل محركها لأكثر من خمس دقائق ، قبل أن "يفرجها الله" في الأخير . لحسن الحظ بقيت نصف ساعة على موعد حضور الضيوف . وقبل الساعة السابعة والنصف بدقائق قليلة ، ظهر أول فوج من ضيوف المهرجان "بقيادة" المخرج داود أولاد السيد ، الذي كان يسير إلى جانب الممثل محمد بنبراهيم وسعاد حميدو ، يليهم الممثل عبد القادر مطاع رفقة الممثل الكوميدي محمد الجم والممثل عزيز موهوب . هؤلاء لن يسيروا على بساط أحمر ، وإنما على زرابي مغربية عادية يظهر أنها لم تحظ بزيارة "لاسبيراتور" منذ مدة . ماشي مشكل ، المهم ما غاديش يتمشاو على الضص . كل الممثلين والمخرجين المغاربة المعروفين تقريبا كانوا حاضرين . رشيد الوالي ، بشرى إيجورك ، نعيمة إلياس ، حنان الإبراهيمي ، محمد خيي ، حسن بنجلون ، نور الدين الخماري ، عبد الله فركوس ، حميدو بنمسعود ، وحتى الممثل الفكاهي الحسين بنياز ... وحضر أيضا الممثل المغربي المقيم في فرنسا ، سعيد التغماوي ، الذي يرأس لجنة تحكيم الدورة السادسة لمهرجان السينما والهجرة . الهدوء الذي كان يعم ساحة سينما ريالطو تحول إلى لحظات تبادل خلالها ضيوف المهرجان العناق فيما بينهم ، ورسموا القبلات على وجوه بعضهم البعض . هنا النساء والرجال يتصافحون عن طريق الوجه . وبالعلالي من فضلكم ! السينما تعني الحرية . داود أولاد السيد يتجاذب أطراف الحديث بالفرنسية تحت الخيمة مع الممثلة سعاد حميدو ، ابنة الممثل حميدو بنمسعود . عبد القادر مطاع كوّن رفقة محمد الجم وعزيز موهوب ثلاثيا لا يفترق . رشيد الوالي بابتسامته المعهودة في حديث ضاحك رفقة الممثلة حنان الإبراهيمي وضيوف آخرين . بينما محمد خيي يرد على أجوبة أربعة صحفيين أحاطو به . فيما تلتقط بشرى إيجورك صورا للذكرى مع معجبيها ومعجباتها بابتسامتها العريضة ، ونفس الشيء تفعله نعيمة إلياس. الله شحال زوينين هاد النجوم دياولنا واخا شي وحدين منهم فيهم شوية ديال الزعت ! على الساعة الثامنة سيمتص باب السينما ضيوف المهرجان ، وبعد أن أخذ الجميع أماكنهم ، صعد المنشط الإذاعي منتصر من إذاعة "ميدي 1 " إلى الخشبة لتقديم فقرات حفل افتتاح المهرجان . إدريس مبارك ، الذي يرأس "جمعية المبادرة الثقافية" ، التي تنظم المهرجان ، ألقى كلمة مقتضبة بدا من خلالها راضيا على المستوى الذي وصل إليه المهرجان وهو يحتفل هذه السنة بعيد ميلاده السادس . بعده أخذ الكلمة محمد عامر ، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول ، المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج في حكومة عباس الفاسي . عامر ألقى كلمة مطولة نوعا ما بصوت خفيض ظهر أن الجالسين في المقاعد الخلفية لم يكونوا يسمعون جيدا ما يقوله الوزير ، وارتفع صوت من الخلف ينادي برفع مستوى صوت مكبر الصوت . الوزير "زف" للحضور نبأ عزم الدولة على خلق "جائزة محمد السادس" لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، في ميدان الفن والبحث العلمي والمشاريع الاجتماعية . إيوا وجدو راسكم آزماكرية ، راه من هنا للقدام ما كاين غير الخير والخمير . بعد محمد عامر ، تناول الكلمة إدريس اليازمي ، رئيس المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج . اليازمي قبل أن يصعد إلى المنصة تعثر في الدرج وكاد أن يسقط ، قبل أن يلقي كلمته بالفرنسية ، ومن خلف القاعة ارتفع الصوت المنادي برفع مستوى الصوت من جديد ، وقبل أن ينزل السيد اليازمي طلب مقدم الحفل من ضابط الأضواء أن ينير له الطريق حتى لا يتعثر مرة أخرى . قالها منتصر عندما كان اليازمي ينزل الدرج تحت تصفيقات الحضور .Un; deux; trois , et marche ... وكان رابع وآخر من تناول الكلمة هو الممثل المغربي سعيد التغماوي ، الذي يرأس لجنة تحكيم هذه الدورة . هذا الأخير أراد الصعود إلى الخشبة من الدرج الجانبي ، قبل أن يطلب منه مقدم الحفل أن يصعد من "الدرج الرسمي" ، كما فعل الذين سبقوه إلى المنصة . صوت التغماوي بدوره لم يكن مسموعا بوضوح ، رغم أنه تحدث من ميكروفون محمول ، وارتفعت مرة أخرى أصوات من خلف القاعة تطالب برفع مستوى الصوت . في تلك الأثناء ظهر الانزعاج على وجه منتصر . ربما المكلفون بالأجهزة التقنية لم يراقبوا أجهزة الصوت بما فيه الكفاية قبل انطلاق حفل الافتتاح . في تمام الساعة الثامنة والنصف ، أي بعد ساعة كاملة من الموعد المحدد أصلا لانطلاق حفل الافتتاح ، ستنطفئ أضواء القاعة فاسحة المجال لضوء الشاشة التي سيفتتحها شريط : Dernier maquis وهو من إنتاج جزائري / فرنسي مشترك ، ومن إخراج عمرو زرماش الذي ألقى كلمة مقتضبة قبل بداية عرض فيلمه الذي استغرق مدة ساعة ونصف ، والذي لعب فيه دور البطولة . الفيلم بدا مملا وانتهى مبهما ، وتميز بكثير من اللقطات المجانية ، رغم أنه استطاع أن ينتزع ضحكات من الجمهور في بعض اللحظات . حسن بنجلون وداود أولاد السيد غادرا القاعة بعد عشر دقائق من بداية الشريط . ربما بان ليهم العربون من الديبار . انتهى عرض الشريط ، ليغادر الجميع القاعة ، ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى استعادت ساحة سينما ريالطو هدوءها ، بعد أن غادرها ضيوف المهرجان ، ليضرب الجميع مواعيد جديدة مع عروض جديدة ، ومع الأنشطة الموازية للمهرجان الذي يستمر إلى غاية يوم السبت 24 يناير الجاري ، حيث موعد حفل الاختتام . الله يوفق .