انطلقت من العاصمة إسلام آباد أعمال مؤتمر باكستان الدولي "الإسلاموفوبيا وأثرها على العلاقات بين الحضارات الإسلامية والغربية"، الذي استضافته الجامعة الإسلامية العالمية، واستمرت جلساته وحلقاته النقاشية على مدى يومين متتاليين، بمشاركة نخبةٍ من كبار علماء العالم الإسلامي، وكبار المسؤولين الحكوميين، وقيادات المجامع والهيئات الإسلامية والمؤسسات الأكاديمية الدولية، وذلك على شرف "رابطة العالم الإسلامي". وحلَّ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، ضيفَ شرفٍ على المؤتمر، كما منحه الأخير جائزة السلام الديني، اعترافاً بإسهاماته في "تعزيز التواصل الحضاري الذي مكّن من احتواء المعلومات الخاطئة عن الإسلام". وسلّط محمد بن عبدالكريم العيسى، في كلمته بالمؤتمر، الضوءَ على نشوء ظاهرة الإسلاموفوبيا ونموها المُطَّرد، متطرِّقاً إلى أهم أسبابها، ومن ذلك السجالات السلبية وما يتولد عنها من تبادل الإساءات وسوء الفهم، موضحا أن "رابطة العالم الإسلامي قامت بالتواصل مع عدد من القيادات الدينية ومراكز الفكر حول العالم، وأجرت حوارات ونقاشات استمرت لسنوات، من أجل توضيح الصورة الحقيقية لديننا الإسلامي، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة". وقال العيسى: "لقد أرشدنا الشرع الحنيف أن نسلك طريق الحكمة، وأن نتألف القلوب ونأخذ الناس بالحسنى، فنحن أصحاب رسالة تحمل الخير والهداية للجميع، لا نتعامل مع الآخرين إلا بأدب الإسلام الذي جاء ميسراً ومبشراً". أما مفتي عبدالشكور، وزير الشؤون الدينية والوئام بين الأديان، فرحَّب بالدكتور العيسى، مقدِّماً له الشكر على الجهود المميزة التي يبذلها لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا عبر منصة رابطة العالم الإسلامي، من خلال توضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، مؤكِّداً دعم علماء باكستان لجهود الأمين العام للرابطة في هذا المسعى. بدوره، وصف محمد ضياء الحق، المدير العام لمجمع البحوث الإسلامية، الإسلاموفوبيا ب"الداء الذي يهدّد ترابط المجتمعات الإنسانية"، مشدداً على ضرورة الاستمرار في الحوار مع غير المسلمين، لإظهار حقيقة رسالة الإسلام، وتبديد كل المغالطات حولها، وعلى أن "ديننا الحنيف يدعو إلى التعايش والانسجام وليس إلى التفرقة والتشرذم". وألقى معصوم ياسين، راعي الجامعة، كلمة أشار من خلالها إلى أن المسلمين يتحملون جزءًا من المسؤولية تجاه ظهور الإسلاموفوبيا، لتقصيرهم في إبراز الصورة الحقيقية للإسلام، لافتاً إلى أن عليهم الاقتداء بالدكتور العيسى الذي يجوب العالم ليشرح حقيقة رسالة الإسلام الداعي إلى التسامح والأخوّة بين البشر، ومؤكّداً أن من يعتنقون أفكار التطرف والعنف لا يُمثلون الإسلام بحال. من جهة ثانية، وفي حدث استثنائي تشهده باكستان للمرة الأولى على شرف أمين عام رابطة العالم الإسلامي، انطلقت في العاصمة إسلام آباد أعمال لقاء زعماء الأديان الذي استضافه مجلس علماء باكستان، ودُعيت إليه القيادات الدينية، وحضره كبار العلماء؛ من رؤساء المنظمات والهيئات والجماعات الدينية لعامة باكستان. ورحّب رئيس مجلس علماء باكستان، حافظ محمد الطاهر الأشرفي، بزيارة محمد بن عبد الكريم العيسى للبلاد، وحضوره، الذي يقام على شرفه هذا اللقاء الديني الأول من نوعه في باكستان، لافتاً إلى أن 70% من باكستان تواجه مشكلاتٍ ومصاعبَ، إلا أن هذا لم يُثنِ الرابطة عن الحضور في مثل هذا الوقت العصيب. ولبّى محمد العيسى دعوة باكستان الرسمية للتقدم إماماً وخطيباً للجمعة في أهم وأكبر جوامع المدن التي يزورها، حيث اعتلى منبر جامع الملك فيصل في إسلام آباد، أيقونة باكستان وأحد أكبر الجوامع حول العالم، بسعة تتجاوز 300 ألف مصلٍ، وألقى فيه خطبة الجمعة حول القيم الأخلاقية في الإسلام. وزار محمد العيسى جمعية أهل الحديث المركزية لجمهورية باكستان الإسلامية، في مقرها بمدينة لاهور بإقليم البنجاب، حيث كان في استقباله رئيسها السيناتور ساجد مير، وكبار قياداتها، كما زار الجامعة الأشرفية، حيث أقام رئيسها الشيخ حافظ فضل الرحيم أشرفي حفل استقبال للأمين العام للرابطة والوفد المرافق له. واستضافت الجامعة ندوة حضرها الأكاديميون والطلاب، قدَّم فيها العيسى تأصيلاً شاملاً حول أسس المحافظة على الهوية الإسلامية، كما تطرق لموضوع صياغة فكر الشباب على المنهج السوي، وزار جامعة الإدارة والتكنولوجيا، حيث ألقى محاضرة لمنسوبيها وطلابها، تناول فيها جهود رابطة العالم الإسلامي لمعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وفق رؤية مؤسسية شاملة تنظر لهذه الظاهرة من كل الزوايا.