تلاحق الإمام المغربي حسن إيكويسين الفار من السلطات الفرنسية عقب قرار ترحيله من التراب الفرنسي، تأويلات عدة بشأن مكان تواجده وأسباب فراره، بينما يقول ابنه إن والده "غادر فعلا فرنسا". وتعود قصة هذا الإمام الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهاته القوية للبروز مرة أخرى بعد قرار وزارة الداخلية الفرنسية طرده من البلاد بسبب الأفكار التي يروجها، بينما ظل يؤكد أن "منهجه معتدل ووسطي". وقرر الإمام المغربي، الذي رفض حمل الجنسية الفرنسية، الفرار من مكان إقامته في شمال فرنسا، وتشير أحاديث إلى أنه غادر فعلا فرنسا إلى بلجيكا، بعدما علم بأن السلطات الفرنسية قادمة إليه لتفعيل قرار الترحيل. ونقلت قناة "بي إف إم" الفرنسية عن وكالة الأنباء الفرنسية أن قرار الطرد الذي أصدرته فرنسا، اعتبرته السلطات المغربية "أحادي الجانب"، حيث لم يتم التشاور معها بشأنه، وأن الرباط لم تعط موافقتها على استقباله. وفي أول تفاعل مع هذه القضية، أوردت الحكومة المغربية أن "هذه القضية لا تناقش في الإعلام، بل في إطار الشراكات ومجموعة من الاتفاقيات التي تربط بين باريسوالرباط". وقال مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، اليوم الخميس: "هناك مجموعة من الاتفاقيات تجمع البلدين ويمكن أن تناقش داخلها قضية الإمام المغربي". وقد أثارت قضية هروب إيكويسين امتعاضا بين أنصار اليمين المتطرف وأبرز وجوهه زعيمة التجمع الوطني مارين لوبان، التي قالت بلهجة متهكمة إن الإسلامي الوحيد الذي طرده وزير الداخلية هو الآن غير موجود وعلق المغرب إجراءات ترحيله، مضيفة: "يجب على فرنسا أن تفرض احترامها مجددا". وأعطى مجلس الدولة الفرنسي (وهو أعلى هيئة استشارية في فرنسا) الضوء الأخضر لطرد إيمان حسن إكويوسن بقرار من وزارة الداخلية، رافضا الحجة القائلة بأن هذا القرار سيمس حقوق الإمام المطرود. وأكد سفيان إيكويسين، ابن الإمام الهارب من السلطات، أن والده "لم يعد فعلا موجودا في فرنسا"، مبرزا الإمام الذي يبلغ من العمر 58 سنة، "كان يعيش في فرنسا بانتظام وفضل عدم حمل جنسيتها". وقال في تصريحات لصحيفة "لوباريزيان" إن والده، الذي تعرض في الآونة الأخيرة للانتقادات من اليمين المتطرف في فرنسا، سافر إلى الخارج، لكنه تحفظ عن ذكر وجهته الجديدة. وأضاف أن والده "يتحدث لغات عدة، يتقن الفرنسية والإسبانية والمغربية والأمازيغية". من جهتها، زعمت ماويتر لوسي سيمون، محامية الإمام حسن، أنها "ليس لديها أخبار" من موكلها، وقالت إنها لا تعرف "مكان وجوده"، لكنها أشارت إلى أنه "غادر فرنسا". وقال وزير الداخلية الفرنسي، اليوم الخميس، إن "باريس اتخذت إجراءات إدارية مهمة للغاية لمنعه (الإمام حسن) من العودة. وإذا كان سيعود، فسوف نعتقله باعتباره هاربا وسنضعه في معتقل إداري قبل ترحيله". وأضاف أنه سيقدم "معلومات" لنظيره البلجيكي حتى "لا يتمكن حسن من القدوم إلى فرنسا"، وأكد: "سيمنع من القدوم إلى فرنسا، فهذا أفضل بكثير". وعلى مستوى القانون الفرنسي، فإنه إذا كان الإمام حسن إيكويسين ذهب إلى بلجيكا، فلا يمكن وصفه بالمجرم؛ إذ إنه ليس متهما بارتكاب جريمة، وقرار مجلس الدولة بخروجه من البلاد قد تم الامتثال له. وقال أستاذ القانون العام بجامعة غرونوبل ألب سيرج سلامة، في مقابلة مع صحيفة "ليبراسيون الفرنسية"، إن حاكم "هو دو فرانس" (Hauts-de-France) ينتهك قاعدة افتراض البراءة بوصفه الإمام المغربي بالهارب من العدالة. وأضاف أن الأجنبي الذي يخضع لإجراء الترحيل، "يمكن أن ينفذه بشكل عفوي، وهذا منصوص عليه صراحة في القانون الخاص بالأجانب". وأوضح سلامة أن بإمكان بلجيكا، في إطار اتفاقيات شنغن، أن تسلم هذا الإمام لفرنسا، لكنه لفت إلى أن مثل ذلك الإجراء "ينطوي على تناقض صارخ: فكيف يمكنه أن يعود إلى فرنسا وهو يخضع لحكم بالإبعاد النهائي عن هذا البلد؟".