حدثين قريبين في الزمان والمكان كانا كافيين لإعطاء المرء صورة واضحة عن الديموقراطية المغربية ومدى هشاشتها , فالملك برفضه إعفاء وزير العدل عبد الواحد الراضي من مهامه بعد إعراب الوزير الاتحاديمنذ مدة عنطلبإعفائه من مهامهبعد تربعه على كرسي الزعامة بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قصد إصلاح الحزب والتفرغ للمهام الجديدة الموكولة إليه , وإطاحته بأحمد لخريف من منصبه في كتابة الدولة في الخارجية بسبب الجنسية الإسبانية التي شرعت إسبانيا مؤخرا في منحها لعدد من المواطنين المغاربة بالأقاليم الجنوبية ...يكون -أي الملك- قد جعل من نفسه محتكرا للسلطة ومغيبا للمؤسسات التي كان من المفروض أن يشركها في قرارات مصيرية ترهن مستقبل البلاد والعباد... "" وإذا كان الظاهر أن القرارين الملكيين يستندان إلى الفصل الرابع والعشرون من الدستور والذي يمنح للملك الحق في إعفاء الوزراء وإعفاء الحكومة بمبادرة منه أو بناءا على استقالتها فما لايمكن إغفاله أن الأمر يتعلق هنا بمغرب أريد له أن يكون مغربا للمؤسسات والحداثة والديموقراطية... لقد كان بإمكان الملك أن يعفي عبد الواحد الراضي من مهامه مع البحث عن من يمكنه التفرغ لقطاع أصبحت ضرورة إصلاحه رهانا مجتمعيا والعمل على بعث رسالة مفادها أن الوزير المغربي ليس مجرد كومبارس للمؤسسة الملكية , إذ أن الأمر يتعلق هنا بتقليد عالمي معمول به في الديموقراطيات العريقة , حيث أن كل وزير تعرض لحدث وضع إياه في مواجهة مباشرة مع الرأي العام أم فرضت عليه طبيعة المهام التخلي عن جزء منها لتحقيق أخرى بإمكانه الاستقالة من منصبه كي لايكون البقاء في موقع المسؤولية على حساب انتظارات الأمة وما تتوخاه من ذلك القطاع . وإذا كان الاعتبار الذي واجه به الملك وزير العدل المتمثل في إصلاح القضاء فالأمر يبقى غير مقبول منطقيا إذا مااستحضرنا سفينة الاشتراكيين الغارقة والتي ينتظر من عبد الواحد الراضي أن يضطلع بمهمة إنقادها والوصول بها إلى بر الأمان ... كما كان العاهل المغربي مجانبا للصواب عندما قرر إعفاء كاتب الدولة في الخارجيةبالنظر إلى السبب الذي أدى إلى ذلك والمتمثل في ازدواج الجنسية , ونعلم أن عددا من مؤسسات الدولة الرسمية يشرف عليها أشخاص لهم جنسيات مزدوجة ... فهل كان القرار الملكي شاملا لكل هؤلاء أم أنالأمر يتعلقبكاتب الدولة في الخارجية لوحده ؟ وما رفضنا لإقالة مسؤول صحراوي وهذا هو الأساس بغض النظر عن العوامل الأخرى إلا بسبب إمكانية استغلال خصوم الوحدة الترابية له وجعله موضوعا للساعة , فعوض إقالة أحمد لخريف كان من المطلوب أن يتم تطعيم الفريق الحكومي بوزراء من المناطق الجنوبية . وهذه إحدى هزائم الدبلوماسية المغربية القادمة من أعلى المستويات . لقد كشف العاهل المغربي من خلال الحادثين على أن التعامل مع الوزراء لازال لم يخرج عن قاعدة الراحل الحسن الثاني حينما قال بعد إعلان حالة الاستثناء بأنه حينما يكون بحاجة لوزير أول فسيعين سائقه الخاص , زد على ذلك عدم إشراك البرلمان في موضوع إمكانية أم عدم إمكانية تقلد أشخاص مزدوجي الجنسية لمهام سامية في مملكة محمد السادس ! [email protected] المحبة برس