في سابقة من نوعها في تاريخ الوزارات في المغرب، طلب عبد الواحد الراضي، وزير العدل، من الملك محمد السادس إعفاءه من الوزارة على بعد 3 أيام من انعقاد المؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي. وهكذا سيذهب عبد الواحد الراضي، المرشح لقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى المؤتمر الوطني للحزب يوم الجمعة المقبل وهو يحمل ثلاث أوراق انتخابية في جيبه في مواجهة فتح الله ولعلو ولحبيب المالكي يقول مصدر اتحادي مطلع. الورقة الأولى هي خروجه من حكومة عباس الفاسي، حيث أعرب أول أمس الثلاثاء، في بيان ترشيحه، عن عزمه «رفع ملتمس إعفائه من مهامه كوزير للعدل في الحكومة إلى جلالة الملك، ليبت فيه بنظره المولوي السديد». هذه الخطوة تأتي، من جهة، لتعزز حظوظ الراضي في الوصول إلى زعامة حزب عبد الرحيم بوعبيد، حيث يُظهر المرشح زهده في كرسي الوزارة من أجل قيادة الحزب، ومن جهة ثانية يضيف ذات المصدر أن هذه الاستقالة تأتي في هذا الظرف كتعبير غير معلن عن عدم رضا وزير العدل عن منصبه (أنظر الإطار)، بالإضافة إلى تنصيص مشروع القانون الجديد للحزب على عدم الجمع بين العضوية في الحكومة وقيادة الحزب. الورقة الثانية التي يحملها الراضي إلى المؤتمر، هي مرونته في إدارة الاختلافات والصراعات وسط الحزب، حيث ظل بعيدا عن الأقطاب المتصارعة (اليازغي ضد الأموي ثم اليازغي ضد لشكر وخيرات وبوبكري)، وحتى عندما طلب منه تقديم استقالته بعد الانقلاب الأبيض للمكتب السياسي على كاتبه الأول محمد اليازغي ونائبه، قبل الراضي بقرار رفاقه، وظل يحضر اجتماعات الحزب ومكتبه السياسي. أما ثالث ورقة سيدخل بها الراضي إلى قاعة المؤتمر، فهي عضويته في الحزب التي وصلت إلى نصف قرن، منها 10 سنوات في رئاسة البرلمان، الذي دخله منذ تأسيسه إلى اليوم، ودخول الوزارة مرتين، مرة على عهد الملك الراحل، والثانية على عهد ابنه محمد السادس. فهل يتمكن ابن القايد الراضي من الجلوس على كرسي سبقه إليه اليازغي واليوسفي وعبد الرحيم بوعبيد؟ الأسباب غير المعلنة لاستقالة الراضي من وزارة العدل - إدارة السجون: تم تعيين مدير الأمن السابق، على عهد ادريس البصري، حفيظ بنهاشم في مندوبية السجون يوم 29 أبريل 2008 دون استشارة وزير العدل عبد الواحد الراضي ولا حتى إخباره بالموضوع قبل استقبال الملك له. ثم بعد التعيين لم يعرف الراضي بأن إدارة السجون خرجت من تحت إشراف وزارة العدل إلى مندوبية تابعة للوزير الأول. - مراكز النفوذ في الوزارة: عبد الواحد الراضي كان يعرف أن الوزير في وزارة العدل لا يملك هوامش واسعة للتحرك واتخاذ القرار، وأن الكاتب العام للوزارة ومدير الشؤون الجنائية والعفو وأطرافا أخرى في الديوان الملكي هي التي تبت في القرارات الهامة في وزارة العدل، لكنه وحسب مصادر من الوزارة لم يتصور أن الهامش أمامه ضيق جدا، ولهذا فضل الانسحاب في هدوء. - تأخر ميثاق إصلاح القضاء: بعد مرور أكثر من 10 أشهر على خطاب الملك حول إصلاح القضاء أصبح الراضي في مأزق، لا يستطيع أن يفعل أي شيء إلى غاية الإعلان عن الإصلاحات الموعودة في وزارته. وفي نفس الوقت مرت 8 أشهر دون أن يفعل شيئا، خاصة مع ضغط هروب عدة معتقلين من السجن: «النيني، معتقلو السلفية الجهادية، معتقلو المخدرات...». - محاكمة الصحافة: ظل الراضي يقول للمقربين منه، عندما يسألونه عن الأحكام بالسجن والغرامة الخيالية ضد الصحافة (حرمة الله، 600 مليون ل«المساء»)، إنه لا علاقة له بهذا الملف، وأنه يراقب ما يجري في هذه القضايا عن بعد. وكانت وزارة العدل على عهد الوزير الاتحادي السابق محمد بوزوبع من أكثر الوزارات التي أثرت على سمعة الحزب ومكانته في المجتمع، ولهذا يريد الراضي تجنب نفس المصير والابتعاد عن لعنة وزارة العدل.