تتميز شخصية عبد الواحد الراضي الذي رشحته أحزاب الأغلبية ليكون رئيسا لمجلس النواب بالعديد من التناقضات؛غير أن ذلك لم يكن حاضرا في النقاش الذي ترأسه عباس الفاسي مساء الثلاثاء الماضي مع قياديين في الأحزاب المشاركة في الحكومة. أول تناقضات الراضي بدا عندما قدم ترشيحه لرئاسة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المؤتمر الثامن عندما كان وزيرا للعدل،ولكي يضمن نجاحه فقد روج لما اسماه التفرغ لقيادة الحزب من أجل إخراجه من عنق الزجاجة الذي يمر منه آنذاك كان الاتحاد الاشتراكي أسير المشاكل التنظيمية التي ارتبطت أساسا بوجود القيادي ادريس لشكر خارج دائرة الضوء. تبين فيما بعد أن الراضي أخلف وعده، وجمع بين حقيبة وزارة العدل ومهمة الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي بعد أن تناقض الاتحاديون مع أنفسهم،وهم يصوتون لصالح رجل يعارض مطلب "الملكية البرلمانية" في وقت كانوا يرفعون فيه شعار الاصلاحات الدستورية. واستمر الحال على ماهو عليه إلى اليوم الذي أعلن فيه الملك عن تعديل حكومي وضع الراضي خارج أسوار وزارة العدل..عندها قال الراضي إن اعفاءه من مهمة وزير كان تلبية لطلب الإعفاء الذي تقدم به من أجل التفرغ لقيادة الحزب غير أنه سرعان ما تناقض مع ذلك مع قبوله الترشح باسم الأغلبية من أجل رئاسة مجلس النواب. مسار الراضي في السنتين الأخيرتين إن كان يؤكد شيئا فهو يؤكد أن الرجل رجل المتناقضات السياسية بالدرجة الأولى.. ما معنى أن يقول رجل أنه يطلب الاعفاء من وزارة من أجل قيادة الحزب،وينتهز الفرص من أجل البقاء في الوزارة أولا، ثم نحو رئاسة مجلس النواب ثانيا. من بين تناقضات الراضي كذلك؛هو أن كل الاتحاديين الذين يراهنون على الراضي في تجديد الحراك التنظيمي لحزب الاتحاد الاشتراكي يعرفون أن الأمر مجرد رهان فاشل تحكمه الصراعات الداخلية داخل حزب بنبركة؛فالجميع يعرف الراضي ليس رجل تنظيم، كما أن عامل السن لا يساعده على الحركية التنظيمية التي تقتضي من القائد السياسي التنقل بين كافة جهات الوطن. وتتميز الدورة الربيعية للبرلمان التي تنطلق اليوم بكونها دورة لها حساسيتها الخاصة؛خصوصا فيما يتعلق بالمرحلة التي تجتازها الحكومة،والوضع السياسي عموما فبالاضافة إلى انتخاب رئيس فإن الدورة الربيعية الحالية ستعرف مناقشة أولى ارهاسات القانون الانتخابي،ومدونة الانتخابات المقبلين الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من التشنجات بين الأحزاب. وإذا كان المتبعون يراهنون على هذه الدورة من أجل تعزيز التعاون بين الحكومة والبرلمان ومجلس المستشارين فإن آخرين لا يرون فيها سوى دورة لمناقشة 52 مشروع قانون و 124 مقترح قانون.