أكدت صحيفة إلباييس أن الحكومة الإسبانية تدرس إمكانية إدانة القرار الجزائري الصادر أمس الأربعاء، القاضي بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقّعة بين البلدين منذ سنة 2003، أمام الاتحاد الأوروبي، وذلك لكون القرار -الذي يشمل التجميد أحادي الجانب للتجارة مع إسبانيا- قد ينتهك الاتفاقية الأوروبية المتوسطية لعام 2005، التي أسست نظام الشراكة التفضيلية بين المجموعة الأوروبية والجزائر. وأعلن ذلك خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، الخميس، موردا أن إسبانيا تستعد للرد على القرار الجزائري "بشكل ملائم وهادئ وبناء، لكن حازم، دفاعا عن المصالح الإسبانية والشركات الإسبانية". وأشار ألباريس إلى أن الحكومة الإسبانية تلقّت الليلة الماضية، بطريقة مفاجئة، معطيات تفيد بأن الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية الجزائرية أرسلت تعليمات إلى بنوك بلادها لإبلاغها بتجميد عمليات الخصم المباشر لأرباح التجارة الخارجية للسلع أو الخدمات المستوردة من إسبانيا اعتبارًا من اليوم الخميس، وهو ما يعني –عمليًا- منع التجارة الثنائية بين البلدين؛ وهو ما تتم دراسة نطاق تأثيره على المستويين الوطني والأوروبي، وفقه. وكشفت إلباييس أن المادة 38 من اتفاقية التجارة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تنص على أن الطرفين "يتعهدان بحرية التحويلات والمعاملات المالية بين البلدين، وضمان حرية حركة رأس المال للاستثمار المباشر في الجزائر وإعادة الأرباح إلى إسبانيا". كما تنص الاتفاقية ذاتها على أن "أي نزاع يتعلق بتطبيق المعاهدة سيتم تقديمه إلى مجلس الشراكة المكون من وزراء الاتحاد الأوروبي والجزائر، أو على مستوى أدنى، إلى لجنة الشراكة المكونة من مسؤولين من كلا الطرفين، والتي تكون موافقتها ملزمة. أما إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فيجب تعيين ثلاثة محكمين لفض النزاع". ودعت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، الجزائر إلى إعادة النظر في قرارها قطع العلاقات مع إسبانيا، قائلة: "تعليق معاهدة الصداقة مع إسبانيا الموقعة عام 2002 مقلق للغاية، وندعو الجزائر إلى إعادة النظر في قرارها"؛ وهو ما ذهب إليه أيضا إريك مامر، المتحدّث باسم المفوضية الأوروبية، الذي اعتبر أن القرار "مقلق للغاية". وأضافت مصرالي: "نراجع تأثير هذا القرار وننظر في الحوار والقنوات الدبلوماسية"، مشيرة إلى أن الحوار الذي تدعمه المفوضية الأوروبية سيكون بين مدريدوالجزائر، وإلى أن بروكسل تعمل مع إسبانيا "لإيجاد حلول للخلافات الحالية"، واصفة الجزائر بأنها "شريك هام للاتحاد الأوروبي وعنصر هام للاستقرار في المنطقة". وفقًا لبيانات وزير الدولة للتجارة فقد صدرت إسبانيا منتجات إلى الجزائر بقيمة 1.242 مليون يورو بين يناير وغشت 2021، بينما استوردت مدريد من الجزائر 2.556 مليون يورو خلال الفترة ذاتها، معظمها من الهيدروكربونات. وتعد إسبانيا ثالث أكبر زبون للجزائر (بعد إيطاليا وفرنسا) وخامس مورد لها (بعد الصين وفرنسا وإيطاليا وألمانيا). وأكد ألباريس، بناء على المعطيات المحصّلة من شركات الطاقة بإسبانيا، أن هذا القرار لم يؤثر في الوقت الحالي على استيراد الغاز الجزائري، فيما عبّرت تيريزا ريبيرا، وزيرة التحول البيئي في الحكومة الإسبانية، عن "ثقتها في عدم ظهور مشاكل في توريد الغاز الجزائري إلى إسبانيا"، وذكّرت بأن هذه عقود بين شركات صالحة لمدة عشر سنوات. وجدد ألباريس التأكيد على أن رغبة الحكومة الإسبانية هي الحفاظ على أفضل العلاقات مع الجزائر، كما هو الحال مع دول الجوار الأخرى، على أساس مبادئ اتفاقية الصداقة -التي أوقفتها الجزائر- التي تشمل احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون من أجل المنفعة المتبادلة للشعبين. وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن خوسيه مانويل ألباريس لم يرغب في الكشف عما إذا كانت هناك أي اتصالات مع السلطات الجزائرية، مشددا على "ضرورة الحفاظ على التكتم". وأعلنت الجزائر تجميد التجارة مع إسبانيا بعد ساعات من مصادقة الرئيس بيدرو سانشيز في الكونغرس على تغيير موقف إسبانيا بشأن الصحراء المغربية، معتبرا مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب الصيغة "الأكثر جدية ومصداقية وواقعية" لحل النزاع.