بَلغت "تغريدة" دونالد ترامب، رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، هدفها أياما قليلة بعد نشرها على "تويتر"، حيث بثت الرعب في عديد الحكومات العالمية، التي رضخ بعضها مباشرة لتوصيات أمريكا، وأكدت وقوفها إلى جانب الملف الثلاثي لأمريكا وكندا والمكسيك لتنظيم نهائيات كأس العالم 2026 بدل الملف المغربي. أمريكا نزلت بثقلها سياسيا واقتصاديا لقلب موازين المنافسة، التي انطلقت قبل فترة بين المغرب والدول الثلاثة من أجل نيل شرف تنظيم العرس العالمي، وصعدت من لهجتها تجاه دول العالم، عبر توجيه رسائل تهديد مباشرة من خلال سفرائها في مختلف الدول، الأمر الذي انبطحت أمامه حكومات كثيرة في إفريقيا وخارجها، والتي غلّبت "المصالح" على أي شيء آخر. المغرب الذي كان يعوّل بنسبة كبيرة على مرحلة التصويت من خلال إقناع غالبية دول إفريقيا وجذب تعاطف الدول الأوروبية مع خصائص قصر المسافة بين المدن والقرب من أوروبا والتوقيت الزمني المشابه للقارة العجوز، وضمان أصوات العرب والمسلمين، وبالتالي اكتساح أمريكا، التي "تعاني" من مشاكل سياسية مع المكسيك وتتهم ب"العنصرية" نظرا لنظام الهجرة الجديد، وجد مخططه يجهض بتدوينة واحدة. وكان التخوّف الكبير للمغرب من لجنة تقييم الملفات "تاسك فورس"، ومن عزمها وضع عراقيل أمام الملف المغربي وإقصاءه قبل مرحلة التصويت، إلى أن تدخل رئيس أقوى دولة في العالم، وقرّب "المونديال" من بلده بعد أن عبر مسؤولون في اتحاد كرة القدم الأمريكي والملف المشترك عن قلقهم الشديد من المرحلة المتقدّمة التي بلغها المغرب مقارنة مع وضعهم "المقلق". المشرفون على ملف "موروكو 2026" اختاروا الصمت والمتابعة فقط، في وقت ألصقت أمريكا أسوأ تفاصيل السياسة في حملتها لاستقطاب الأصوات، موظفة لغة التهديد السياسي والاقتصادي البعيد كل البعد عن ضوابط المنافسة الشريفة والأخلاقية في حملات الترشح لتنظيم "المونديال". وانتظرت لجنة ترشح المغرب نتائج عكسية من خرجات ترامب، من خلال ترجيح وقوف الإعلام الدولي إلى جانب المغرب وتسليط ضغط على الاتحاد الدولي لكرة القدم من أجل التدخّل لمنع هذه "الفوضى"، أو إلغاء تصويت الاتحادات، التي رضخت لضغوط سياسية خارجة عن الإطار الرياضي، إلا أن شيئا من ذلك لم يكن. من جهتها لم تكلف "فيفا" نفسها الخروج بقرار أو موقف واضح من خرجات دونالد ترامب، التي أدخلت المنافسة على احتضان كأس العالم إلى مستنقع "فاسد"، مكتفية بالتأكيد أنها لن تتخذ أي إجراء ولن تقوم بالتدخل أو التأثير على سير عمل لجنة "تاسك فورس"، وأنا تقييمها النهائي لملفي المرشحين سيتم عبر تنقيط وتقييم التفاصيل، التي جاء بها دفتر تحملات "فيفا" للدول الراغبة في تنظيم هذا الحدث. قراءة في الوضعية الحالية لملفي المغرب وأمريكا في ظل مستجدات "هجمة أمريكا" و"سكون فيفا" و"تراجع حظوظ المغرب" قدمها يحيى السعيدي، باحث في الرياضة، في تصريحات لهسبورت، إذ اعتبر التفاصيل التي وظفتها أمريكا من أجل الضغط على دول العالمية "شرعية" بما أن المغرب طرق بدوره باب الدبلوماسية وسخر إمكانياته وعلاقاته السياسية مع دول إفريقية وعربية من أجل استمالة أكبر عدد من الأصوات. وأوضح السعيدي أن تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم في الحملات التي تقوم بها أمريكا، لن تكون قانونية، باعتبار أنها تطرأ على مستوى رئيس الدولة والأجهزة المسيرة لها وليس اتحاد كرة القدم، الذي ينضوي تحت لواء "فيفا"، مشيرا في الآن ذاته إلى أن الاتحاد الدولي يطلب في ملف الترشح ضمانات من قبل الدولة، وبالتالي فإن الأخيرة تعتبر تحركاتها، بحثا عن ضمانات من أجل بلوغ هدفها، وهو تنظيم النهائيات. وأكد المتحدث ذاته أن حظوظ المغرب ضئيلة منذ دخوله كمنافس لدولة من حجم أمريكا، مردفا "أمريكا دولة تحكم العالم، وهي من كان وراء الحلة الجديدة للاتحاد الدولي بعد كشف فساد سيب بلاتر. أرى أن حظوظ المغرب تبدو منعدمة، إذ يجب انتظار تقرير "تاسك فورس" الذي قد لا يكون لصالح المغرب، ثم انتظار مرحلة التصويت، التي أصبحت صعبة هي الأخرى أكثر مما توقعها البعض في ظل التطورات الجديدة وتراجع عدد من الدول عن دعمها للمغرب".