"اتّفق العرب ألا يتفقوا". مقولة لطالما أشيعت في الأوساط العربية في مجالات مختلفة، بيد أنها تأكّدت في علاقات المغرب مع الدول التي تتقاسم معه دم العروبة والإسلام في ملف المونديال على مدى الترشيحات الأربع الماضية. فشلت المملكة المغربية في إقناع العالم بالتصويت لها لاحتضان منافسة تضم دول القارات الخمس، وخصوصا الدول المجاورة لها والتي تدعي حسن علاقتها معها في العديد من الخرجات الإعلامية، ومثل السعودية الأبرز بعد تصريحات تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة السعودي، ورئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، بعد مهاجمته المغرب بتدويناته الخارجة عن نطاق الدبلوماسية، والتي قال فيها إن دولته ستساند الملف الذي يوازي طموحات بلده، ويراعي مصلحتها. بن همام "باع" المغرب وتورّط في فضيحة فساد كبرى تاريخيا، فالمغرب معتاد على تلقي طعنات من الخلف من الدول "الشقيقة"، فالذاكرة الرياضية تختزن كيف "باع" القطري محمد بن همام، رئيس الاتحاد الآسيوي السابق، المملكة وصوّت لألمانيا سنة 2006 في ملفها لتنظيم المونديال قبل أن يتورّط في فضيحة فساد كشف عنها مكتب "فريشفييلد"، بعدما أبلغ الاتحاد الألماني أنه وجد دليلا قاطعا يشير إلى تحويل مسؤولين ألمان كبار، من بينهم بيكنباور، أكثر من 6 ملايين ونصف المليون أورو لصالح شركة قطرية لها علاقة ببن همام. وأصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" سنة 2011 حكما يقضي بإيقاف بن همام مدى الحياة بتهمة تقديم رشاوى قبل الانتخابات لمنصب قيادة أقوى جهاز كروي في العالم، إلى جانب إيقاف مساعده نجيب شيراكال بتهم فساد مالي. وكشفت التحقيقات أن الأمر لم يتوقّف عند هذا الحد، بل أثبتت التحريات أن القضية كانت أكبر من تحويل مالي من أجل الحصول على حق استضافة كأس العالم، بل وصلت إلى حد مؤامرة بين فرنساوقطر وألمانيا، من أجل الإطاحة بالمغرب في 2006، ومنح شرف استضافة أكبر منافسة رياضية كروية إلى برلين. تركي آل الشيخ يقصف قطر عن طريق المغرب ويخلق أزمة بعد نعته لقطر ب"الدويلة"، وتدويناته التي تبرز أن السعودية اتّخذت موقفها من قبل بالتصويت لصالح الملف الأمريكي، اعتبر تركي آل الشيخ بشكل ضمني أن المغرب أخطأ حينما توجّه إلى قطر، التي أعلنت دعم الملف المغربي بشكل صريح، مؤكّدا أن "عرين الأسود يوجد في الرياض". وأضاف في رسالة إلى المغرب: "ما تقوم به هو إضاعة للوقت.. دع "الدُّوَيلَة" تنفعك"، في إشارة إلى دولة قطر، قبل أن يختم تدوينته بإيضاح عنوانها الموجّه مباشرة إلى المغرب، حينما أكد في نفس التدوينة "رسالة من الخليج إلى المحيط".. وكان المسؤول السعودي قد لمّح في وقت سابق، في حوار مع صحيفة "الرياضية" السعودية، إلى إمكانية منح السعودية صوتها لصالح الملف الأمريكي لتنظيم كأس العالم 2026، حيث قال: "والله إحنا نسمع عن نية المغرب وللآن جالسين ندرس أفضل الخيارات التي نقدر نقدم فيها دعم لمونديال 2026، إحنا همنا يكون المونديال بشكل جميل ويخدم كرة القدم". تغيير طريقة التصويت سيكشف عن الأعداء والأصدقاء سيعرف التصويت على البلد الفائز بشرف استضافة كأس العالم 2026، مشاركة جميع الاتحادات التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وعددها 211 اتحادا باستثناء الاتحادات المرشّحة للاستضافة، وهي المغرب والولايات المتحدةالأمريكية، والمكسيك وكندا، إذ يكفي المغرب الحصول على 104 أصوات ليفوز بتنظيم البطولة، خلال الجلسة العمومية التي ستكون يوم 13 يونيو المقبل للإعلان عن تنظيم المونديال، كما أن "فيفا" قرّرت أن يكون التصويت عن طريق رفع الأيادي، مما سيكشف عن أصدقاء المملكة من "أعدائها".