يخشى الكثيرون من مرحلة الشيخوخة، لأنها ترتبط بكثير من الأمراض. لكن الخوف من الشيخوخة قد يصبح من الماضي بفضل التجارب التي يجريها العلماء على الديدان مؤخرا الإطالة عمرها، وهو ما قد يساعد على تأخير الشيخوخة لدى الإنسان. لماذا يشيخ البشر؟ لماذا تترك الأعوام آثارها على أجسادنا؟ لماذ يترهل جلدنا ويفقد دماغنا مرونته بتعاقب السنين؟ لازالت هذه الأسئلة تشغل الكثير من الباحثين، من بينهم باحثون أمريكيون أجروا دراسة على أشخاص بعمر ثمانية وثلاثين عاما حسب تاريخ الميلاد، لكن الفحص السريري لعمل الكلى والرئتين والكبد وقيم الكولسترول في الدم أظهر أن عمرَهم البيولوجي يتراوح بين الثامنة والعشرين والحادية والستين، ما يعني أن تاريخ الميلاد ليس وحدُه مقياسَ العمر. وفي معهد ماكس بلانك لبيولوجيا الشيخوخة في كولونيا، تمكن بعض العلماء من الحصول على أحد هذه الأجوبة، وذلك من خلال تجارب أجروها على كائن حي لا يخطر على بال أحد. إذ أجروا تجارب على دودة الربداء الاسطوانية الرشيقة، ولعل أهم ما يميز هذه الدودة هو أن طولها لا يتجاوز مليمتراً واحداً، ودورة حياتها تستغرق ثلاثة أسابيع فقط. وأراد الباحثان أدام أنتيبي ومارتين دينتزل من خلال تجاربهم الوصول إلى هدف محدد وهو إطالة عمر الإنسان من خلال تحسين صحة كبار السن على حد اعتبار الباحث آدام أنتيبي. وفي تصريحه ل DW عبر برنامج صحتك بين يديك، أكد الباحث أنتيبي أن قصر دورة الحياة يساعد كثيرا على مراقبة التطورات التي تطرأ عليها بسهولة، فدورة حياتها لا تستغرق سوى أسابيع قليلة، فضلا عن أن نصف جينات دودة الربداء الاسطوانية الرشيقة مشابهة لجينات الإنسان. وتتمتع هذه الديدان بأعضاء داخلية ودماغ وأمعاء، ما يجعل مراقبة تطور الشيخوخة لديها أمراً مهماً للإنسان. وخاصة أن الكثير من الأمراض البشرية تم فهم أسبابها من خلال تجارب أجريت على هذا النوع من الديدان. ومن بينها عملية تأثير الإنسولين على التطورات الخلوية، وهو أمر مهم جدا لفهم أمراض السكري مثلا. وأثناء الدراسة اكتشف العالمان أن بعض الديدان تعيش أطول من قريناتها. ولعل أهم ما يميز هذه الديدان عن غيرها، هو أنها تحمل جينات متحوّلة كما أن تركيز السكر الأميني والغلوكوزامين عال لديها. ما دفع العلماء إلى إضافة الغلوكوزامين لغذاء بعض الديدان، وتبين أن إضافة هذه المادة أطال عمر الديدان لبضعة أيام، حتى في غياب الجينات المتحولة. ولفهم كيفية تأثير الغلوكوزامين على الأمراض التي تصيب الإنسان، قام العلماء بحقن الديدان بأمراض تصيب الإنسان. من بينها جين يؤدي المرض لترسيب البروتين في الخلايا العصبية ما يؤدي للإصابة بمرض الزهايمر. وأظهرت نتائج التجربة أن إضافة الغولوكوزامين يجعل الديدان أكثر نشاطا. والنتيجة أن تعذية لا تضم الغولوكوزامين تؤدي لتصلّب الديدان ذات الجينات المتحولة، أما إضافته فيجعلها نشيطة. يواصل العلماء أبحاثهم حاليا للتوصل إلى إجابة فيما إذا كان السكر الأميني سيبطئ الشيخوخة لدى الإنسان أيضا. وإلى حين التوصل إلى نتائج مثبتة، يؤكد الدكتور أسامة الأبيض أخصائي الأمراض الباطنية والقلب في برلين في حديث له مع قناة DW عربية،على أن عامل الوراثة له دور أساسي في تحديد العمر البيولوجي، مشيرا إلى أن الإصابة بأمراض مثل السكري والكوليسترول تسرع عملية الشيخوخة، ويشرح ذلك بقوله "هذه الأمراض تؤدي إلى سدّ الشرايين التي تغذي الأعضاء الداخلية، ما يؤدي إلى حدوث خلل في الدورة الدموية، وهو ما يؤثر سلبا على عملية تجدد الخلايا". ويرى الأبيض أن أفضل وسيلة لتأخير الشيخوخة تكون بالعيش بطريقة صحية من خلال تناول الأغذية المفيدة وممارسة الرياضة والابتعاد عن العادات السيئة كالتدخين، علما أن العيش في مدن كبيرة تكثر فيها الملوثات يؤثرعلى عملية تجدد الخلايا ما يسرع الشيخوخة أيضا. * ينشر بالاتفاق مع DW عربية