لم يرقه تشبث المغرب بطلب تأجيل "الكان" إلى موعد لاحق خوفا من انتشار فيروس إيبولا، رغم أنه لم يجد سببا للخجل من تمسكه بكرسي الرئاسة لأزيد من ربع قرن. تَغَيَّر لاعبون، مدربون وحتى المشجعون عبر الأجيال، لكنه ظل صامدا شامخا في أعلى هرم كرة القدم بالقارة السمراء. هو عيسى حياتو أو بُعبُع الكَاف الذي لا يتردد في التلويح بالعقوبات وتنفيذها في حق كثير من اتحادات كرة القدم بإفريقيا، ومنها نيجيريا والطوغو وقريبا المغرب. كيف لا وهو المعروف عند مقربيه بطابعه الصارم، وحرصه الشديد على تنفيذ قوانين الكونفدرالية بحذافيرها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بإجراءات زجرية. حياتو العجوز، 68 سنة، ورغم أنه عَمَّر بالكاف قرابة 27 عاما، غير أن شهرته بالمغرب بلغت أعلى درجاتها في الأسابيع الأخيرة، ما دفع الكثيرين إلى مناداته ب"مصاص الدماء"، باعتبار أنه لم يعر الخطر الذي قد يتعرض له المواطن المغربي جراء تنظيم "الكان" اهتماما كبيرا، في الوقت الذي أشار البعض إلى الاهتمام الذي حظي به عند زيارته الأخيرة للمغرب، في الثالث من نونبر، عند تعريجه على أحد المصحات بالنظر لمعاناته من الفشل الكلوي. قبل تنصيبه رئيسا للاتحاد الإفريقي لكرة القدم وتدرجه إلى أن أصبح رئيس أهم لجان الاتحاد الدولي للعبة، شغل حياتو العديد من المناصب ببلاده، إذ اشتغل مديرا للرياضات بوزارة الشباب والرياضة، وكاتبا عاما بجامعة كرة القدم الكاميرونية، ثم رئيسا لهذه الأخيرة، قبل دخول المكتب التنفيذي للاتحاد سنة 86. وقبل ذلك مارس حياتو ألعاب القوى في صغره، إذ تألق مع منتخب بلاده في مسافات 400 و800 متر. وينتمي حياتو لعائلة عريقة في الكاميرون، حيث كان والده ملكا لأحد القبائل المعروفة شمال البلاد، والذي كان تسلم هدية من الملك الراحل محمد الخامس، حسب رواية أحد المقربين من العائلة الكاميرونية. علاقة حياتو مع المغرب لم تتوقف عند هذا الحد، بل استمرت لينال شرف التوشيح من قبل الملك الراحل الحسن الثاني في بداية مسيرته على رأس الكاف ثم من قبل الملك محمد السادس. واستغل المتتبعون المغاربة تاريخ حياتو مع المغرب لوصفه بناكر المعروف، مع العلم أن تنصيبه على رأس الاتحاد الإفريقي كان بنفدق سفير سابقا، فرح حاليا، بالدار البيضاء، في العاشر من مارس 1988، حيث لعب المغرب دورا كبيرا في ترجيح كفته للفوز بالرئاسة بعد صراع كبير مع الطوغولي غودفريد إيكوي، عقب خروج المرشح السوداني من الدور الأول، ليعوض بذلك الإثيوبي المتوفي يدنيكتشاو تيسيما. وبالرغم من مساهمته في تطوير كرة القدم الإفريقية ومنحها مكانة خاصة على المستوى العالمي، غير أن مشوار عيسى لم يكن كله نظيفا، حيث تورط في العديد من قضايا الفساد، كان آخرها اتهامه من قبل الصحافة البريطانية بتلقي رشاوي من أجل ترجيح كفة قطر في سباقها للفوز بشرف احتضان كأس العالم سنة 2022. رئيس الكاف وبموقفه المتحجر في الآونة الأخيرة وعزمه إلحاق عقوبات قاسية بالكرة المغربية، بات يقف أمام مفترق طرق، إذ ورغم دعمه المغرب في فترة من الفترات أثناء الترشح لتنظيم "المونديال"، غير أن أي قرار ظالم من طرفه قد يزيحه نهائيا من تاريخ المملكة.