توصلت «كود» إلى معطيات جديدة حول كرونولوجيا «إفراغ» مكتب محامي بالدار البيضاء، ولي ناض عليها صداع كبير وتفتح بشأنه تحقيق إداري وقضائي. وفي إعادة تركيبه لكرونولوجيا المراحل المسطرية لاتخاذ وتنفيذ قرار «الإخلاء المؤقت»، وفق العبارة الواردة في التفاصيل التي وفرها مصدر مطلع على ملف الواقعة، كشف الأخير أن السلطة الإدارية المحلية توصلت، بتاريخ 19 فبراير 2020، بمراسلة من مالك العمارة يلتمس إخلائها لما تشكله من خطر كبير على الساكنة والمارة باعتبارها آيلة للسقوط، وفق ما أكده تقرير خبرة منجز من طرف مكتب الدراسات (LBE INGENIERIE 2R) الذي أوصى بضرورة التعجيل بإخلاء هذه العمارة من جميع مستغليها مؤقتا من أجل القيام بالإصلاحات الضرورية. ومباشرة بعد ذلك، يضيف المصدر، أحيلت المراسلة على رئيس مجلس مقاطعة سيدي بليوط للاختصاص، مشيرا إلى أنه، طبقا لمقتضيات المادة 6 من القانون رقم 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري، واستنادا إلى مقتضيات القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات ولا سيما المادة 100منه، أصدر رئيس مجلس المقاطعة، بتاريخ 11 مارس 2020، قرارا يقضي بالإخلاء الفوري المؤقت للسكان القاطنين بالعمارة إلى حين انتهاء الأشغال المرخصة، بسبب الخطر الذي تشكله على السكان والجوار والمارة، وهو القرار الذي عهد بتنفيذه إلى السلطة الإدارية المحلية وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل. وذكر أنه، طبقا للمسطرة القانونية المتعلقة بتبليغ القرارات الإدارية، قامت السلطة الإدارية المحلية بتبليغ القرار المتخذ من طرف رئيس مقاطعة سيدي بليوط إلى مالك المبنى بتاريخ 13 مارس 2020، وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون 94.12 السالف الذكر، والتي تنص على أنه "تبلغ القرارات المتخذة من طرف رئيس مجلس الجماعة إلى الأشخاص المشار إليهم في المادة 3 أعلاه، في حالة تحديد هويتهم وعناوين إقامتهم عن طريق السلطة الإدارية المحلية التي يوجد المبنى داخل نفوذها الترابي»، مبرزا أنه «بالرجوع إلى المادة 3 من القانون المذكور، فإنها تحدد الأشخاص المعنيين بالتبليغ في ملاك المباني». وأضاف «لضمان التنفيذ في ظروف إيجابية وإضفاء المزيد من الضمانات القانونية على عملية التنفيذ، فإنه لم يتم الاكتفاء بتبليغ المالك، بل حرصت السلطة الإدارية المحلية على إخبار شاغلي ومستغلي الشقق السكنية التي لم يتم إخلاؤها بعد، بكافة الوسائل الإدارية المتاحة بما فيها تعليق قرار الإخلاء المؤقت بالمبنى المذكور، علما أن ثلاثة شقق ظلت مهجورة منذ المراحل الأولى لعملية التبليغ، والتي لم تجد بها السلطة الإدارية المحلية أي مخاطب أو من يقوم بتسلم التبليغ لعدة مرات»، موضحا أنه «بناء على مسؤولية السلطة المحلية في تنفيذ قرارات رئيس مجلس المقاطعة استنادا إلى المادة 108 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، والمادة 7 من القانون 94.12 السالف الذكر، فإن السلطة الإدارية المحلية ملزمة بالتنفيذ الفوري للقرار المذكور وبتسخير القوة العمومية لأجل ذلك، خاصة وأن الأمر يتعلق بعمارة آيلة للسقوط وتشكل تهديدا على أمن وسلامة القاطنين والجوار والمارة». وأكد أنه« على الرغم من صلاحيات التنفيذ المباشر والفوري للقرارات الإدارية من طرف السلطة الإدارية المحلية، إلا أنه وبغرض تحصين هذه العملية بضمانات قانونية أخرى، جرى توجيه طلب لرئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء من أجل تعيين مفوض قضائي لحضور تنفيذ هذا القرار الإداري، ومعاينة العملية مع جرد ما يمكن جرده وتدوين كل مجرياتها في محضر رسمي، وهو ما تمت الاستجابة له من طرف رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 15 يونيو 2020»، مؤكدا أنه «بناء على ذلك جرى تنفيذ عملية الإخلاء المؤقت للبناية موضوع القرار المذكور، بتاريخ الإثنين 15 يونيو 2020، ابتداء من الساعة الواحدة وأربعة وخمسون دقيقة بعد الزوال إلى غاية الساعة الثالثة والنصف من زوال نفس اليوم، بحضور المفوض القضائي المعين بموجب الأمر القضائي الصادر عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، والذي قام بمعاينة عملية الإخلاء المؤقت وعملية جرد لوازم الشقق، مع إنجازه لمحضر في الموضوع». وعقب هذا الإجراء، يوضح المصدر نفسه، «جرى إيداع لوازم الشقق المذكورة بمستودع تحت الحراسة، وفور الانتهاء من عملية الإخلاء المؤقت، انطلقت أشغال الثبيت والدعم والإصلاح المرخصة بالعمارة لتجاوز مرحلة التهديد بالانهيار». وكانت هيئة المحامين بالدار البيضاء أصدرت بلاغا نددت فيه بما وصفته «الخرق السافر» لعملية إفراغ مكتب المحامي من قبل السلطات، في غيبته ودون مراعاة الضوابط القانونية والاجرائية الجاري بها العمل»، مؤكدة أنها «ستتوجه لجميع الجهات الإدارية والقضائية من أجل تحديد المسؤولين عنه ومحاسبتهم ومن أجل تجنب تكرار مثل هذا الخرق مستقبلا». وجاء في بيان الوقفة التي نظمها أصحاب البدلة السوداء أول أمس الجمعة أمام ابتدائية المدينة، احتجاج على القرار، إن «النقيب انتقل رفقة أعضاء من مجلس هيئة المحامين بالدارالبيضاء لعين المكان بناءا على طلب من المحامي صاحب المكتب، الذي يستغله كمحل مهني منذ عدة عقود، والذي فوجىء عند رغبته في ولوج مكتبه هذا الصباح بمنعه من طرف عمال بناء بعدما تبين له أنه تم اقتحام مكتبه بعد كسر بابه، وتمت بعثرت محتوياته وخصوصا ملفاته و وثائق عمله». وأشار إلى أن «اقتحام مكتب المحاماة دون إشعار النقيب يشكل خرقا صريحا للقانون، وخصوصا المادة 59 من القانونو 28.08 المنظم لمهنة المحاماة، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتحجج سلطات عمومية من هذا المستوى بجهلها للقانون أو بجهلها أنها لا تعلم بوجود مكتب للمحاماة ظل هناك منذ أزيد من 30 سنة»، مضيفا أن «إصدار أمر قضائي في ظل ظروف حالة الطوارئ والحجر الصحي يأذن بتعيين مفوض قضائي لمعاينة إفراغ مكتب محام في نفس يوم طلبه وتجهيزه وتنفيذه في نفس اليوم وحضور مفوض قضائي يطرح علامات استفهام كبيرة حول استقلالية القضاء في علاقته بالسلطات الإدارية».