رسم محمد عبد الفضل، منسق اللجنة المشتركة لمهن المطعمة في المغرب، صورة قاتمة لمستقبل القطاع ما بعد جائحة «كورونا»، مؤكدا تكبده خسائر كبيرة تضع عددا من المستثمرين فيه على حافة الإفلاس. وقال محمد عبد الفضل، في حوار مع «كود»، إن المقاهي والمطاعم اليوم بأمس الحاجة لقرارات استثنائية بحجم الأضرار والخسائر التي لحقت بها، مشيرا إلى أن القرارات الصادرة من طرف لجنة اليقظة الاقتصادية أو الحكومة، لم تتضمن تقديم أي دعم لصالح المقاولة المستثمرة في القطاع لمواجهة المصاريف أو من أجل إعادة انطلاق النشاط التجاري، غير الإجراء الوحيد المتخذ والمتمثل في توجيه المهنيين للاقتراض من البنوك مقابل نسب فائدة جد مرتفعة، والتي لن يقدر جل المستفيدين منها على تسديدها على الأمد القريب أو المتوسط. هل يمكن أن تقدم لنا صورة تقريبية عن حجم الضرر الذي ألحقته «كورونا» بالمقاهي والمطاعم؟ وهل لديك أية أرقام عن قيمة هذه الخسائر؟ كما يعلم الجميع أنه بقرار من السلطات تم إيقاف نشاط جميع المقاهي والمطاعم، في ال 16 مارس الماضي، في إطار التدابير المتخذة لمكافحة (كورونا)، وهو ما استجاب له جميع أرباب المقاهي والمطاعم بروح من المسؤولية وبرهن الجميع على روح المقاولة المواطنة التي تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل الاعتبارات المادية رغم صعوبة وقساوة القرار على مستقبل تجارتهم. وقبل الخوض في حجم الضرر الذي ألحقه الوباء بهذه الفئة، أريد أن أشير إلى أن هذا القطاع الخدماتي لا يتعدى هامش الربح في غالب الحالات ما بين 10 و15 في المائة، إن لم يكن أقل من ذلك، عكس الاعتقاد السائد الذي ينبني على مقارنة أسعار بيع المشروبات أو المأكولات بتكلفتها إن تم تحضيرها بالمنزل، وهو ما يوحي بأن الاستثمار فيه كله مكاسب. فأي مقهى أو مطعم ككل المحلات التجارية لها مصاريف ثابتة وقارة بغض النظر عن النشاط التجاري إن كان متوقفا أم لا. وأهم هاته النفقات على سبيل المثال لا الحصر هناك الأكرية، علما أن المقاهي أو المطاعم دائما ما تستغل المحلات الأكثر تميزا، ما يجعلها الأغلى من حيث السومة الكرائية. وهو ما يسري عليها في هذا الظرف الاستثنائي الذي نعيشه. وهنا سنأتي على ذكر الخسائر، إذ، رغم قرار الإغلاق، فإن غالبية مهنيي المقاهي أوالمطاعم، وإلى حدود اليوم، مطالبين بأداء أكرية ثلاثة أشهر، علما أن العديد منهم كان يجد صعوبة في أداءالاكرية في الأيام العادية فما بالك عند فترة توقف النشاط، وهو ما يزيد من متاعبها المالية التي تزايدت حدتها بسبب الجائحة. وكمعلومة فإن سعر أكرية المحلات التجارية المستغلة كمقاهي في الدارالبيضاء يتراوح بين 5000 و200.000 درهم للشهر. خسائر أخرى يمكن عدها، في هذا الإطار، تتجلى في حجم المواد الأولية التي انتهت مدة صلاحيتها. وتلك الخسائر تتفاقم مع كبر حجم المقاولة، فمثلا هناك شركات كان لديها مخزون ثلات أو أربع أشهر من اللحوم المستوردة أو مكونات أخرى، والتي عادة ما تكون مدة صلاحيتها قصيرة، ما أفقدها ملايير يصعب استدراكها على المدى القصير. كما أود أن أثير الانتباه إلى أنه لو ترك التسليم والتوصيل الخارجي للطلبيات أو الأكلات السريعة الجاهزة للأخذ كان يمكن أن يخفف من شدة الأزمة على بعض المقاولات خاصة أن مثل هذه العمليات ستشهد ضغطا أقل بكثير بالنسبة لمحلات أخرى سمح لها بمزاولة النشاط كمحلات المواد الغذائية أو الجزارة أو المخابز، والتي يمكن لأصحابها من توفير قسط من المصاريف. أطلقت تحذيرات ببلوغ عدد من المقاهي والمطاعم حافة الإفلاس فهل سنشهد إغلاق عدد منها ما بعد الجائحة؟ وكيف ترون المستقبل؟ حتى أجيبك يجب أن أضعكم في صورة القطاع قبل الجائحة، حيث كان يعرف تدهورا وانخفاضا كبيرا في أرقام المعاملات مقارنة مع السنوات السابقة بسبب العشوائية في منح التراخيص بفتح مقاهي أو مطاعم جديدة ومضاعفة أعدادها دون الأخذ بعين الاعتبار قابلية القطاع على استيعاب كل هذا الكم الهائل من المقاهي أوالمطاعم. كما أن المنافسة في هذا القطاع غالبا ما تعتمد فقط على خفض الأسعار لاستقطاب الزبناء، ما جعل نسبة كبيرة من المهنيين تصارع من أجل الإبقاء على محلاتها مفتوحة فما بالك أن يتمكن هؤلاء اليوم من تحمل أعباء ثلات أشهر أو أربع من الكراء دون استغلال… ! وحاليا، ولعدم قدرتهم على تغير النشاط، يبقى الأمل الوحيد للمهنيين هو العودة السريعة لفتح محلاتهم قبل استنفاذ قيمة التسبيق الذي يتم تقديمه عند إبرام عقد الكراء مما سيضعهم أمام معضلة الأداء أو الإفراغ. معضلة أخرى تواجهها المقاهي والمطاعم تتمثل في عقود الكراء بالتسيير الحر، والذي غالبا ما تكون أسعاره جد جد مرتفعة. فأصحاب هذه العقود لن يكونوا قادرين على أدائها بعد فترة الحجرالصحي لأن جميع المؤشرات تدل على أن علامات الركود الاقتصادي تلوح في الأفق. وفي نظري، ولضعف العديد من المقاولات العاملة في القطاع، أتوقع تعثر وانسحاب وإفلاس نسبة مهمة منها. تلقيتم أي إشارات عن استفادة المقاهي والمطاعم من مبادرات دعم لمساعدتها على التخفيف من الآثار السلبية الحادة لهذه الأزمة؟ لحدود الساعة، من خلال البلاغات الصادرة من طرف لجنة اليقظة أو القرارات الصادرة من طرفها أو من طرف الحكومة، ليس هناك أي دعم لصالح المقاولة لمواجهة المصاريف أو من أجل إعادة انطلاق النشاط التجاري غير الإجراء الوحيد المتخذ والمتمثل في توجيه المهنيين للاقتراض من البنوك مقابل نسب فائدة جد مرتفعة لن يقدر جل المستفيدين منها على تسديدها على الأمد القريب أو المتوسط. والأكثر من ذلك، نجد أنفسنا، عكس المجرى الطبيعي والحالة الاقتصادية والاجتماعية، مطالبين بأداء الضرائب والرسوم على محلات مغلقة كالضريبة المهنية ورسم الخدمات الجماعية، بل يصل الحال إلى العبث عندما تلقى العديد من المهنيين اتصالات من بعض المسؤولين الجماعيين خاصة في مدينة الدارالبيضاء تطالبهم بأداء رسم المشروبات تحت تهديد خضوعهم لغرامات التأخير ضاربين عرض الحائط مرسوم وقانون فرض حالة الطوارئ خاصة المادة السادسة منه، ما يضع المهنيين أمام السؤال من جدوى قرار لجنة اليقظة لمواكبة المقاول و المقاولة. إننا اليوم بأمس الحاجة لقرارات استثنائية بحجم الأضرار والخسائر التي يعرفها القطاع. ماهي الخطوات التي أقدمتم عليها لإيصال معاناة أرباب المقاهي والمطاعم للجهات الحكومية، وما نوعية الإجراءات التي تقترحونها لإخراجك القطاع من الأزمة؟ عقدنا عدة لقاءات واستطلاعات لمعرفة الحجم الحقيقي للأضرار والخسائر التي تعرفها مختلف الفئات التي تشكل القطاع بمختلف أحجامها. كما نحاول استقصاء الحلول التي يتطلع إليها المهنيون. وبمعرفتنا للظروف الصعبة التي تجتازها بلادنا وضرورة التضامن، ونظرا للأعباء الاجتماعية التي يتحملها الصندوق المحدث لتدبير أزمة (كوفيد 19)، فإن مطالبنا ترتكز أساسا على مبدأ العدالة الجبائية كالإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمقاولات الجد صغيرة التي لا تتعدى رقم معاملاتها 500 ألف درهم إسوة بنفس المقاهي والمطاعم التي لها صفة الشخص الذاتي طبقا للمادة 91 من المدونة العامة للضرائب. وبما أننا أجبرنا على الإغلاق لمدة ستتعدى ثلاثة أشهر، ومن أجل التخفيف من الأعباء الايجارية، ومن منطلق أن العودة للنشاط ستكون بمثابة إنطلاقة وولادة جديدة للمقاولات العاملة به، وارتكازا على الامتيازات التي تمنحها الدولة حاليا لخلق المقاولات، طالبنا بالإعفاء من الضريبة المهنية لسنوان 2020 و2021، والتي تحتسب أصلا ما بين 20 إلى 30 في المائة من القيمة الكرائية. كما طالبنا بإلغاء أو خفض رسم المشروبات إلى النسبة الأدنى، والتي يحددها القانون 06 47 في 2 في المائة من رقم المعاملات. بالإضافة ذلك، نقترح أن تتحمل الدولة مساهمات الشركات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمدة سنتين من أجل المساعدة على الحفاظ على مناصب الشغل، وتجميد منح رخص جديدة للاستغلال التجاري للمقاهي والمطاعم لمدة سنتين حتى لا يتم إغراق قطاع يعرف توقفا لمدة ثلاثة أشهر أشهر، والذي يتوقع أن يشهد ركودا وإفلاس عدد من المستثمرين فيه في السنتين المقبلتين. وفي الأخير، أريد أن أشير إلى أن هذه المطالب قدمت إلى عدد من مكونات لجنة اليقظة، والتي نتمنى أن تتعامل معها بجدية لأن للقطاع أهمية كبيرة من حيث التشغيل، وذلك لما يمثله القطاع بالنسبة للاستهلاك الوطني، ما سيرجع بالنفع على قطاعات أخرى مرتبطة بالمقاهي والمطاعم. كما أظن أنه حان الوقت لقانون مالية تعديلي لسنة 2020 يتم من خلال سن قوانين ضريبية استثنائية تخفف من عبئ الأزمة على المقاولات الصغرى والمتوسطة ويشجع على الاستهلاك