ما من بداية أسوأ للعام الجديد من تلك التي اختارتها إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب وهي تتخذ قرار تصفية ثاني أهم شخصية بإيران الجنرال قاسم سليماني. و مثلما كان اغتيال ولي عهد النمسا السبب في اشعال الحرب العالمية الاولى، فإن كل المؤشرات تقول أن منطقة الخليج و الشرق الأوسط تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى حرب إقليمية شاملة بعدما بلغت عملية حشو الشقوق بالديناميت مراحل متقدمة، و لم يتبقى إلا اللحظة التي تمتد فيها يد أحدهم لتضغط على الزناد و تُفَجِّرَ الهيكل على رؤوس الجميع. و بغض النظر عن هل كان المقتول قاسم سليماني بطلا وقف في مواجهة اذناب الامبريالية ببلاد الرافدين.. أم شيطانا دمويا ارتكب عددا من المجازر بالاراضي السورية في سبيل ان ينقذ رجلا واحدا اسمه بشار الاسد؟.. فإن المشهد يبدو من هنا بالمغرب مغايرا بعض الشيء و لا يتأثر الحكم على الرجل بالعواطف بل بالتاريخ و الواقعية السياسية. و التاريخ و الواقعية السياسية يقولان أن سليماني كان يضمر شرا إلى المغرب و أنه كان يخطط في لحظة ما لإغراق المغرب في مستنقع دموي بالصحراء و ذاك عبر تدريب مقاتلي البوليساريو و تزويدهم بالسلاح.. في فاتح ماي 2018 أعلن وزير ناصر بوريطة عن قطع المغرب علاقاته مع إيران و طرد سفير طهران في الرباط بسبب دعمها، عن طريق حزب الله اللبناني، للبوليساريو و إشراف السفارة الإيرانية في الجزائر على تدريب وتسليح مقاتلي الجبهة الانفصالية التي كان يؤطرها قادة عسكريون بمليشيات نصر الله. و بعدما أوضح بوريطة أن “مسؤولين كبارا من حزب الله زاروا تندوف في 2016 لالتقاء مسؤولين عسكريين في البوليساريو”، عاد وأكد أن حزب الله أرسل صواريخ أرض جو من طراز سام 9 وسام 11 و ستريلا إلى البوليساريو، كما ارسل أسلحة و مؤطرين عسكريين إلى تندوف لتدريب العناصر الجبهة الانفصالية على حرب العصابات وتكوين فرق كوماندوس في افق تحضير عمليات عدائية ضد المغرب. بعد هاته التوضيحات، التي اتت على اعلى مستوى، التزم المغرب الصمت ليتكلف بعدها محللون محسوبون على الدولة المغربية بتوجيه اصابع الاتهام للجنرال قاسم سليماني الذي حملوه مسؤولية تسليح عناصر البوليساريو و تدريبها على حروب الانفاق لمواجهة التفوق العسكري المغرب بالصحراء. إذ أن قرار تسليح ايران للبوليساريو تم اتخاذه بطهران و تكلف بتنفيذه المقتول قاسم سليماني عن طريق حزب الله الذي عهد إليه تنزيل القرار و تدبيره ميدانيا بتنسيق مع أمير موسوي، الدبلوماسي المثير للجدل الذي كان يعمل ملحقا ثقافيا في السفارة الإيرانيةبالجزائر… كما تبين لاحقا أن الأزمة بين الرباط و طهران، التي رأى فيها قاسم سليماني فرصة لوضع قدم موطأ قدم بالمغرب الكبير، تعود جذورها إلى 12 مارس 2017 حين اعتقلت مصالح الامن المغربية العاملة بمطار الدارالبيضاء قاسم محمد تاج الدين، الذي يعد أحد كبار مسؤولي مالية حزب الله في إفريقيا، وذاك بناء على مذكرة اعتقال دولية صادرة عن الولاياتالمتحدة تتهمه بتبييض الأموال والإرهاب.