بعد أن غسلت الجماهير يديها ورجليها من السياسة..صار صانع الألعاب هي الكرة وأغاني الراب.. الحدث صنعته الرجاء والوداد وأكبر ديربي في إفريقيا..انتهت المقابلة الرائعة ونشب الحديث عن الغرفة روم 101 . كيف إنتقل الأدب والرواية والسينما الى ملاعب الكرة والتيفو وجماهير الالتراس.. الالتراس وما ينتج عنها من أناشيد وشعارات و سلوك يتجاوز الكرة الى مجال السوسيولوجيا والظاهرة الجماعية للحشود والتعبير السياسي.. إنها ثورات أخرى صغيرة تحدث كل مرة في الملاعب دون أن ننتبه إليها.. أفلست السياسة وأفلس السياسيون فيما أزدهرت شعارات وخطب الملاعب. بدأت الحكاية مع جمهور الجيش حينما تغنى بالأغنية “الثورية” التي عنوانها ” القيلولة في البرلمان” يعري فيها وينتقد الطبقة السياسية وريع البرلمانيين الذين ينامون قيلولتهم في الجلسة.. ثم جاءت اناشيد وشعارات أخرى..هنا وهناك.. إلى أن كانت دهشة ورسالة مع جمهور الرجاء: في بلادي ظلموني.. ثم جاءت محطة أخرى في طنجة كان لها “هيتها” الخاص: هاذي بلاد الحكرة ودموعي فيها سالو”. وهكذا وبدأت المنافسة بطولة بين المدن على شكل بطولة أحسن مطرب أحسن سهرة في عهد إدريس البصري.. نشيد طنجة كان حلقة ستوقظ خيال كازابلانكا إلى ما وراء الحدود ..مع جورج أورويل صاحب الرواية الشهيرة 1984..الغرفة 101 هي الحدث الكبير ولو كانت لي صحيفة أضعها غلاف العدد..مع ما يشبه تسوناميقادم في الملاعب ثم يخرج إلى الفضاء الخارجي العام..كما في خيال الأفلام..تبدأ المظاهرة في الملعب ولاتقف..جري جري ..إجر إجر ..فوريت كامب آخر.. غرفة أورويل التي تخيل في فترة القمع والعزلة والدكتاتورية ما علاقتها بالكرة..؟ من الدكتاتور هنا..هل هي الجامعة..فوزي لقجع.. الحكومة..الأحزاب..الدولة العميقة..البطالة والفقر.. التعليم والصحة في غرفة الإنعاش ..؟؟ هل يعرف جمهور من مستوى ثقافي عاد ودون المتوسط معظمهم من ضحايا سياسات فاشلة فاسدة.. هل يعرف جورج أورويل..وسارتر وطوني موريسون و بابلو نيرودا و دوستوفسكي وستانسلافسكي. و من أوحى لهم بالفكرة والشعار والمعنى والدلالة..؟ لن ننتظر من جمهور الكرة أن ينوب عن الباقي..هي ليست صلاة جنازة ..جمهور ليس سوى كونه حشود رياضة وفرح ومهارات و متع وفرجة..ولن ينوب عن المتخلفين عن أدوارهم في المجتمع و السياسة: النخب.. النخب التي زاد صبيب تبولها اللاإرادي في الفراش.. الكرة ستظل كرة..وما حدث هو درس كبير عن الفراغ الرهيب الذي يسود..وشباب الرجاء قال كلمته..الغرفة 101 وغدا سيخرج تيفو جديد في وجدة أو آسفي والجديدة وأكادير عن..”الزنزانة رقم 10″.. إنه الانتقال من 101 إلى 10 ..سهل ومتاح ممكن جدا.. والجمهور الذي لا يعرف أحمد المرزوقي الناجي من جحيم تازمامارت سيتعرف عليه أكثر لأن فقيه الجمعة لن يحدثه قطعا عن المرزوقي.. جامي..جامي ..سيبيع الكاتب روايته طبعات بالأطنان إنها الكرة..والسياسة بالكرة مغامرة ومخاطر..الجماهير عجينة سهلة تطوع وتأخذ شتى الأشكال و الحالات العاطفية .. مبروك للرجاء ومبروك للوداد.. لم أعرف كيف أفرق بينهما يوما في حياتي..