في أسبوع واحد حقق إتحاد ما سمي المغرب العربي ما لم يحققه طيلة سنوات بعيدة: الوحدة الشاملة في الغرق.. غرق شبان ضاقت بهم الأرض و السماء فبحثوا عن الهروب الكبير والانتحار في البحر.. لاوجود لحوت كبير يأويهم في بطنه كما في قصة بينوكيو وحكاية سيدنا يونس.. في أسبوع واحد.. في نفس التوقيت تقريبا غرق شبان هاربون من تونس ثورة الياسمين و رئيس روبو في الطريق .. ثم غرق آخرون يشبهونهم في نفس المصير في بحر الجزائر التي نفخت رؤوسنا بالثورات الديمقراطيات و الإشتراكيات.. و في المغرب لم يكن الحظ والمأساة أقل أو أخف فشاهدنا كيف غرق الحاركون في بحر زناتة و المحمدية وبدأنا نبحث عنهم ونجمع كل صباح جثة جديدة تضاف الى الرقم .. هكذا في ثلاث بلدان مغاربية على الضفة الجنوبية للمتوسط حققنا الوحدة في غرق الشباب الذي تقطعت به السبل و ظلمت في وجهه الحياة ولم يعد يخشى البحر والأهوال ومصيرا مجهولا آخر.. قوارب الهجرة السرية خرجت من تونس وهي في عز الإنتخابات الرآسية والبرلمانية و أحلام وشعارات مجهضة بعد ثورة ذهب فيها من ذهب و مات من مات وقطف الفاكهة المتربصون بالثورات.. ونفس القوارب خرجت من الجزائر ومن المحيط الأطلسي المغربي.. بعد كل هذه السنوات الطويلة من الهضرة وأناشيد الإستقلال بدأنا نجد من الشباب من يتمنى لو لم تخرج فرنسا ..على الأقل سيجدون مدرسة وحساء ساخنا وطبيبا وممرضة.. أوراش الإستقلال كانت مجرد كلام شفوي لقضاء الأغراض وكسب المنافع وظل الوضع يتدهور فيما عدد الموارد يقل وعدد السكان يتكاثر ونسب الديون تتضخم ووحش الفساد ينخر.. لقد حققنا الوحدة المغاربية المشتهاة: كلنا سواسية أمام غرق الغرقى.. حققنا الوحدة في الجثث التي يقذفها البحر كل يوم ثم العصابات المنظمة للهجرة ورمي الشبان و الأطفال في اليم. أين الدولة وأين القانون.. وأين الأمن والمحاكم التي ننتظر منها أن تضرب بقوة على مافيات الهجرة التي تقتات من الفقر وجثث الفقراء.. الغرقى في شاطئ زناتة و البلد مشغول في فراغ حكومي وتعديل وزاري و كفاءات حزبية تشير على بعضها بالكراسي والطباسل ومحاكمة صحافية وطبيب بسبب الإجهاض.. متى نجد محاكمة قاسية متشددة تضرب بقوة المافيات في الهجرة والإتجار في البشر الحقيقي. متى نسمع عن عشرين سنة وأكثر للعصابات..؟ نسمع و نرى في نشرات الأخبار كل شهر وأسبوع عن تفكيك خلايا إرهابية جهادية .. طيب هذا عمل رائع لكن لماذا لا نشاهد عمليات إلقاء القبض على شبكات الهجرة السرية ومن يعدون المراكب والبنزين ويفرشون الطريق..هم عصابات لا تقل عن الإرهاب ضررا وخطورة .. أما وحدة ” المغرب العربي” فهي مؤجلة الى أن يعفو علينا الله.. وما تحقق منها حتى اللحظة هو فاجعة الشباب في الغرق ثم الغرق .