هناك سحلية بين الموقعات على بيان خارجات عن القانون. هناك خنفساء مواقفها رجعية. وهناك حرباء متلونة وعميلة للخارج. هناك أغنياء. وأرستقراطيون. وغاليون. هناك كائنات قادمة من الفضاء. ولن أوقع. لا. لن أوقع. كما أني غاضب لأن اسمي ليس بين العشرة الأوائل. وقد أرسلته. وقلت لهم أنا كاتب وصحفي. لكنهم وضعوني في الأسفل. ورقمي هو 666. ولا أقبل أن “أخرج عن القانون” وأنا في أسفل السافلين. وفي آخر القائمة. ويتقدمني ناشط. وآخر فاعل. وأنا الذي جمعت المجد من أطرافه. يذيلونني. وأنا الذي مهنتي مناضل يأتي هؤلاء الدخلاء ليأخذوا مكاني. وأنا الذي لوحتني الشمس أمام البرلمان. وبعد كل الوقفات. وبعد كل ضربات الهراوات. تأتي ليلى سليماني وتجني مازرعته. ثم ما هي أولوياتي. وهل أهزم المخزن أولا . وأطرده شر طردة. أم أوقع قبل ذلك على بيان”خارجات عن القانون”. وماذا لو وقعت لأكتشف بعد ذلك أني أنفذ مخططا فرونكوفونيا. وأن البيان وضعه المخزن. وأنني مع ماكرون. ومع فرنسا. ومع نظامنا الرجعي. وهل أنام. وهل أتبضع. وهل أشخر. وهل حريتي مضمونة. لكني لما قرأت أن كثيرين رفضوا التوقيع على البيان لأن أصحاب المبادرة بورجوازيون وبورجوازيات أسقط في يدي. ولم أعد قادرا على أي شيء. وشلت يدي. ولا هي بمقدورها أن توقع. ولا أنا قادر على طرقعة أصابعي. وتأكدت أننا أجمل بلد في العالم. ولا خير يرجى منا. وأحاول أن أفهم ماذا يريد الرافضون. رغم أن لا أحد أرغمهم على التوقيع. ماذا يريد هذا النوع من اليساريين. ماذا يريد هذا النوع من الحداثيين. ماذا يريد المفكرون كي يتفلسفوا في موضوع كهذا. ماذا يريد القطريون المغاربة. ماذا يريد الذين لا يحبون ما تكتبه ليلى السليماني. وما تمثله. كما لو أنه يجب على الجميع أن يتبنى موقف اليسار الإسلامي. كما لو أننا هنا في مجال النقد الأدبي. وكما لو أننا نحاسبها سياسيا. وثقافيا. ونلومها على صداقاتها. وعلى خطابها. وعلى أفكارها. ومع من تتعشى. ومع من تتحدث. وعلى أسلوبها في الكتابة. وما دامت هي التي بادرت. فالمبادرة مرفوضة. ولن نوقع على البيان. لا. لا. لن نوقع. وهل يرغبون في بيان مليء بتوقيعات المسحوقين والكادحين والكادحات. وهل يرغبون في بيان طبقي. وهذا ممكن وسهل. وبمقدورهم وضع عريضة ثانية. لا تضم إلا الطبقة الكادحة. والمدافعين عنها. وليس فيها إلا الحاصلون على شهادة في معارضة النظام ومحاربة الفساد. بينما يكمن المشكل في أن الكادحين لا يوقعون على مثل هذه العرائض. ومعظمهم محافظون. ومعظمهم ضد الحريات الفردية. ومعظمهم ضحية لتلك القوانين. ولا كلمة. ولا صرخة. من منتقدي البيان. إلا إذا توفر الشرط البؤسوي في النضال. وعلى البيان أن يكون فقيرا. ومفلسا. حتى يمكننا أن نتبناه. وقبل ذلك عليه أن يندد بالنظام. فلا مشكلة في القوانين كما قال المفكر. بل في العدالة. وفي الاستهداف. وأحاول أن أفهم ولا أستطيع. وفي وقت الكل فيه نائم. والأحزاب تحتضر. وتنتظر الفتات. تأتي مبادرة من أفراد. فنشكك في أصحابها. ونصنفهم طبقيا. ولغويا. ونحذر من بيانهم. كي ننفي تهمة الإجهاض. بينما لن يتغير أي شيء في هذا البلد لوحده. ولن ينزل التغيير من السماء. ولا من الدولة. ولا من الإسلاميين. وقد كتب موقع هوية بريس: “خارجات عن القانون” يعترفن في بيانهن بإقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج. وعلى السلفيين في موقعهم أن يفرحوا ويسعدوا. فليسوا وحدهم بل معهم أيضا السلفية اليسارية. والمصابون برهاب البورجوازية. وحاملو الهم الكبير. أصحاب القضايا الكبيرة. والعادلة. والذين لا تعنيهم الحريات الفردية في شيء. و يعتبرونها ترفا. ويتحدون الموقعين على هذا البيان بأن يناضلوا ضد الفساد وضد السلطة. ويتساءلون عن سبب كتابته بالفرنسية. ولماذا تأخرت ترجمته. ومن خلفه. وهل الماسونية. وهل أنصار الإجهاض. وهل أعداء العربية. وقد كنت قريبا من التوقيع. قبل أن أفطن إلى وجود السحلية. وقد رأيتها تتسلق العريضة. فتراجعت إلى الخلف. وقالي أحد الأصدقاء الذي خرج من العريضة ليدخن. إنه التقى في صفحتها السابعة بالطاهر بنجلون. وضبط جريدة لوموند تحرض الموقعين. ووجد مؤامرة. وماسونيين. وعراة. وسلطة عالمية. معولمة. منمطة للإنسان المغربي. ويسار كافيار. ووجد مخزنا متنكرا. ولو كان هذا هو المخزن. ولو كان بوعو ولو كان وحشا من يقف خلف هذا المانفستو فهو أفضل من هذا الصمت وأفضل من لا شيء وهو أفضل من الرافضين ومن المحتجين ومن المنتقدين للبيان ولأصحابه وللغة التي كتب بها دون أن يقولوا ما الحل الذي يقترحونه ما الحل الذي لديهم لاعتداء القوانين على المغاربة ولمعاقبة الكادحين والفقراء ولضبطهم دون غيرهم. وهل يهيئون لبيان جديد خال من السحلية ومن الحرباء. ومن الخنفساء الرجعية. ومن السلطة. ومن فرنسا. ومن المخزن. ومن البورجوازيين. أم أنهم يمارسون فقط هذه الهواية المغربية ويحبون الفساد. ويحبون الظلم. ويحبون أن يبقى المخزن كما هو. كي يظلوا يشتمونه. وإن حاول التغير قاوموه. كي يمنحوا معنى لوجودهم. ككائنات نقدية. ويقظة. ومقاومة. ومعارضة إلى الأبد. لا تصالح. ولا تساوم. ولا تتنازل. ولا يعجبها أي شيء. وترفض أن يتغير أي شيء. ولو على مستوى اللغة ولو في الأحلام. ولو على مستوى الشعار. ومجرد بيان. لا يعنيها في شيء. ولا إكراه في التوقيع عليه. جعلت منه قضية. ومنذ أيام وهي لا تكف عن تحليله أدبيا وفلسفيا وسوسيولوجيا وطبقيا ولغويا. وتحذر منه. غريب فعلا هذا البلد. وأغرب ما فيه هو أنه مليء بالعباقرة ومن لا يوقع ويتدخل في شؤوون الموقعين ويلعب دور مخزن صغير ويقلده. ولا يقول لنا ماذا يريد وماذا يقترح كبديل وهل ينتظر نزول بيان معجز من السماء وهل ينتظر تحقق الشرط الجماهيري وهل ينتظر نبيا ليحمي المغاربة من قوانين ظالمة وبدائية ومتخلفة.