عاشت جماهير الفنون أصيلة، أمس الاثنين، ليلة استثنائية بكل المقاييس، أخذتهم خلالها الفنانة المغربية نبيلة معن، بصوتها القوي والعذب، إلى رحلة في عوالم الموسيقى العريقة الراقية، وفي سفر موسيقي راق في قلب الموروث الموسيقي الأندلسي. وأتحفت المغنية والملحنة والشاعرة المغربية، في سادس سهرات الدورة ال41 لموسم أصيلة الثقافي الدولي، الحضور بأجمل أغانييها التراثية، والتي تقدم من خلالها نمطا جديدا للموسيقى التقليدية يمزج بين الطرب الأندلسي والملحون والجاز. وقد استأثرت القصائد الشعرية الراقية باختيارات الفنانة معن، حيث غنت قصيدة “أحسنت يا ليل” و”لغزال فاطمة” التي كان لها وقع خاص لدى الجمهور الحاضر، والذي تفاعل بالتصفيق والزغاريد مرددا القصيدة لحنا وكلمات، فضلا عن انبهار الضيوف الأجانب بما يزخر به المغرب في صوت نبيلة معن من تنوع موسيقي مثير يربط الجيل الجديد من الموسيقيين بحضارتهم الأندلسية وعمقهم التراثي. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قالت الفنانة معن إنها سعيدة جدا بالتواجد، للمرة الثانية على التوالي، في فعاليات موسم أصيلة الثقافي، مضيفة أن جمهور أصيلة ذواق للفن الراقي والملتزم. وأوضحت أنها كموسيقية معاصرة، تبحث دائما عن تصور جديد للموسيقى التقليدية المغربية، مع احترامها لخصوصيتها وتاريخيها، كما أشارت إلى قرب إصدار ألبومها الجديد الذي لن يخرج عن ما اعتاده متابعوها ومحبوها. وكما يدل على ذلك لقبها، تنحدر نبيلة عبدلاوي معن من أسرة معن الأندلسية، التي هاجرت من الأندلس واستوطنت حاضرة فاس، حيث وشحها الملك محمد السادس سنة 2015 بمناسبة الذكرى ال52 لعيد الشباب، في قصر مرشان بطنجة، بوسام المكافأة الوطنية من درجة فارس. درست الموسيقى والتلحين في المعهد العالي للموسيقى، وتعلمت العزف على القيثارة، وكانت البداية في سن 16 بتقديم أغنية نظمت كلماتها شقيقتها التي تولت في ما بعد كتابة أغلب أغاني نبيلة معن. كما عرفت السهرة الفنية مشاركة المغني والملحن الأنغولي شالو كوريا، الذي امتع هو الآخر الجمهور بعزفه المبهر على مقام الصولو وتلاعبه بأوتار الغيتارة الأنغولية التقليدية، حيث اعتمد على إيقاعات السامبا البرازيلية، من خلال مزج صوته الإفريقي الخالص مع الهارمونيكا. وتعددت الفعاليات الفكرية والثقافية والفنية التي تقدمها الدورة الحالية لموسم أصيلة، فبموزاة الندوات الفكرية والسياسية، يحظى أوفياء الموسم كل ليلة بفقرات موسيقية متنوعة من الحفلات والسهرات، حيث تم هذه الدورة تسليط الضوء على الموسيقى كجزء من الإبداع في القارة السمراء. يذكر أن موسم أصيلة الثقافي، الذي تنظمه مؤسسة منتدى أصيلة، من 21 يونيو إلى 12 يوليوز الجاري، ويسهر منذ 41 سنة على تشجيع كل أشكال الإبداع الإفريقي، لاسيما في مجالات الشعر والفكر والموسيقى والفنون التشكيلية.