استطاع كل من الفنان محمد الوراثي ورشيد الحكيم، أن يجعلا من فكرة ملحمة مكناس التراثية حقيقة فنية ممتعة، ألهب التنسيق الذي تم القيام به بين 9 فرق من الفرق المحلية التراثية للمدينة، جمهور مدينة مكناس المتوافد من كل أقطاب المغرب ومختلف البلدان الأجنبية لمتابعة فعاليات مهرجان وليلي الدولي لموسيقى العالم التقليدية في دورته السابعة عشر. وتفاعل الجمهور الذي حضر بالآلاف لمتابعة السهرة الرابعة من سهرات المهرجان أول أمس الأحد، بشكل جد حماسي مع كل الأنماط التي أدتها الفرق المشاركة في الملحمة التي أنتجت خصيصا لدورة لمهرجان السابعة عشر، والتي اندمجت فيها ألوان الطرب الأندلسي، والملحون، وعيساوة، والمعلمة، وحمادشة، وأهل التوات، والمسمعين، وكناوة، ثم النكافة، مما جعل من منصة المهرجان التي توسطت ساحة الهديم الشهيرة، لوحة فنية غنية بالمقامات الموسيقية، والألوان الطربية. ولأنه مهرجان دولي يحتفي بالموسيقى التراثية العالمية، فقد خصصت إدارة المهرجان حيزا زمنيا كبيرا من السهرة لعضوي فرقة "فيتن فيتن" اللذين أديا مقاطع من تراث بلدهما إسبانيا، حيث قاما بعزف عدة مقطوعات بآلات مصنوعة من مواد وآلات منزلية، وهو ما آثار استغراب الجمهور وإعجابه، ليتراقص الجميع على نغمات الموروث الموسيقي للجارة الإسبانية، وينال الثنائي "فيتن فيتن" وما قدماه من عروض موسيقية رضى الجمهور المكناسي ومتابعي السهرة من السياح الأجانب. فرقة فنينة القادمة من الداخلة، غاصت بجمهور مهرجان وليلي في أجواء يسودها الطابع الصحراوي المغربي الأصيل، فقد أدت هذه الفرقة التي تقودها الفنانة الصحراوي فنينة، أغاني تراوحت موضوعاتها بين الارتباط بالوطن ومديح الرسول والأذكار الربانية، مستلهمة جميعها من الشعر التراثي الحساني وقوافيه، وأدت نساء الفرقة خلالها رقصات تعبيرية تتماشى وتيمات القصائد المغناة. ختام السهرة كان مع فرقة عاشور خاضيري الذي مثل الثقافة الأمازيغية والإرث الثقافي الأمازيغي ضمن السهرة الاحتفالية الرابعة من فعاليات المهرجان، فمن آزرو جاء عاشور وفرقته بالأنغام والمواويل الأمازيغية ليطرب الساهرين من سكان العاصمة الإسماعيلية ويجعل من ختام السهرة الفنية مسكا. تجدر الإشارة إلى كون سهرات المهرجان ستستمر إلى غاية 26 من يوليوز الجاري، إذ ستحتفي مكناس في اليوم ما قبل الأخير من برنامجها الفني، بتراث كل من دولة الكوديفوار عبر فرقة تراثية تمثلها، وأيضا دولة مصر العربية، التي ستمثلها فرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، كما سيساهم فيها الفنان الشاب فريد غنام.