قديمة هذه الحيلة. قديم هذا الخطاب يا نزار بركة. ومكشوف. وكما عادتكم ترغبون في حزب الاستقلال أن تهيئوا أبناءكم ليكونوا جاهزين لاجتياز مباريات ولوج المدارس العليا في فرنسا. وليتخرجوا مهندسين. وأرباب شركات. وليضمنوا مستقبلهم. وليصبحوا أطرا. وليرثوكم. وليكون لهم المكان الذي ينتظرهم في السلطة. وليكون لهم المال. والنجاح. والمستقبل. ولا نحتاج كي نفهم ذلك إلى بيير بورديو. ولا إلى سوسيولوجيا. فكل شيء واضح. ولعبتكم صارت مكشوفة. وكي يتأتى لكم ذلك. وكي تنتقل السلطة من الأب إلى الابن. تدافعون عن العربية الفصحى. وترفضون تدريس العلوم بالفرنسية. وكل هذا كي يخلو لكم الجو. وكي تحشروا أبناء المغاربة وتكدسوهم في أقسام الرياضيات بالعربية. في مدارس الدولة. بينما أبناؤكم في البعثات. وفي المدارس الخصوصية. وفي المدرسة الأمريكية. وفي فرنسا. وفي الخارج. ونحن نعرفكم. ونراكم. ونرى جيل الاستقلاليين الجديد. ونرى نخبتكم الجديدة. وكلكم ترطنون بالعربية كخواجات. وبلكنة. وكلكم درستم العلوم بالفرنسية. وغايتكم هو أن تتخلصوا من أبناء المغاربة. وألا تكون زحمة. وألا يكون تنافس. وألا يضايقكم أحد. لا. لا. قديمة. قديمة جدا يا نزار بركة. وليس جريمة هي أن يدرس أبناء المغاربة العلوم. وفي مستويات محددة باللغة الفرنسية. كما قلت. بل الجريمة هي هذا التمييز الذي تسعى إليه. وهذا الكذب. وهذه الشعبوية. وأن يكون مصير الأغلبية دائما هو الفشل. وأن تنجح الأقلية. ويكون طريقها مفروشا بالورود. حتى أنه يبدو لي أن الدولة قلبها على مستقبل كل المغاربة. وتفكر في نجاحهم. بينما أنتم لا يعنيكم هذا. ولا يشغلكم إلا مستقبل أولادكم. أما إذا كنت حقا مؤمنا بما تقول يا نزار بركة. أما إذا كان حزب الاستقلال يدافع فعلا عن العربية. فلنقم بهذا التحدي. ولتسجلوا أبناءكم مع أبناء المغاربة. ولنفرض على الجميع أن يدرسوا العلوم بالفصحى. وأي استقلالي نضبطه. وأي استقلالية صغيرة. نكتشف أنها في حل حتى من تعلم العربية. وحروفها. نعاقب والدها. ونطردها. ونمنعها من مواصلة تعليمها. أو نحكم عليها بقضاء ما تبقى لها من سنوات دراسة في التعليم الأصيل. فهل تقبل. هل تقبل هذا التحدي يا نزار بركة. أم أنك فقط تزايد. وتدعي أنك استقلالي أصيل. وهل تقبل أن تلتزم معنا بذلك. وكلنا. وكل المغاربة. استقلالين وغير استقلايين. نفرض عليهم العربية الفصحى. بمن فيهم ذريتك. وفلذات كبد من يرفع الشعار مثلك. وربما تعرف. كما نعرف جميعا ألا منفذ للمغاربة إلى المدارس الكبرى إلا فرنسا. وأن هذه المدارس يأتي إليها الصينيون المتفوقون والفيتناميون واللبنانيون والمغاربة. ويأتي إليها كل العالم. وحلم أي استقلالي أن ينجح فيها فلذة كبده. وربما تعلم أنه كم من تلميذ مغربي نابغة في الرياضيات. توقف مستقبله في تلك المدارس لأنه لم يدرس العلوم بالفرنسية. وهذه اللغة هي وسيلة للنجاح فحسب. وليست كافرة. وليست عدوة. وليست ضد العربية. بل هي جسر فقط. وموصلة إلى المستقبل. وإلى النجاح. وقد فرضها الواقع. وفرضتها المصلحة. وفرضها التاريخ. وفرضتها القوة. وفرضها الاقتصاد. وحتى في فرنسا. وفي مستويات معينة. وفي تخصصات محددة. يدرسون العلوم بالإنجليزية. ولا أحد هناك يتحدث عن جريمة كما صرحت أنت بذلك. وغالبا أنك تعرف هذا. وتتظاهر بأنك لا تعرف. كي تظهر بمظهر الاستقلالي. وكي يليق بك منصب الأمين العام. وأظن أن علال الفاسي لو كان حيا لاختلف معك. ولما وافقك الرأي. ولما ضحى بمصلحة المغاربة. في سبيل الإيديولوجيا. لكني لا أظنك جادا. ولا مقتنعا بما تقول. وتفعل ذلك. وتجهد نفسك. كي تبدو استقلاليا لا يشق له غبار. ثم قل لي يا نزار بركة. وبعد أن تنتصر. وينتصر حزب العدالة والتنمية. وتنجحوا في عرقلة تدريس المواد العلمية بالفرنسية. قل لي صراحة. هل سنرسل التلاميذ المغاربة المتفوقين إلى HEC بغداد. أم دمشق. أم طرابلس. وهل نرسلهم إلى قناطر أم درمان. أم المدينةالمنورة. أم المنامة. أم مسقط. أم ماذا. قل لي. قل لي صراحة. وأنت تتحدث عن الجريمة هل كنت تريد هذا. أم أنك كنت تريد أن يخلو لكم الجو. وألا نزاحمكم. قل لنا صراحة أي لغة يدرس بها أولادك والأقارب وأبناء النخبة الاستقلالية قل لنا ولا تكذب هل ترتكبون في حقهم هذه الجريمة. وتدرسونهم العلوم بالفرنسية. أم أنك تسخر منا وتخطط لإعادة إنتاج نفس المغاربة العاطلين ونفس المحتجين أمام البرلمان وإلى تكديس الأجيال الجديدة في شعب الدراسات الإسلامية والحقوق وماستر شعرية البرق. بينما أنتم ترطنون بالعربية ولكم لكنة خاصة وتعبرون القناطر وتعبدون الطرق بالفرنسية. وتزفتونها على غيركم. وتدكون الطريق بالدكاكة. لا لا قديمة هذه الحيلة ومكشوفة يا نزار بركة وبحكم التجربة. وبحكم عدد الضحايا. وبحكم ما وصلنا إليه فالكل يعرف أن لسان حزب الاستقلال مع العربية بينما قلبه مع الفرنسية ويريدها له وحده ولذريته وللعائلة والأحباب.