تحل اليوم الثلاثاء الذكرى التاسعة والثلاثين لإسترجاع إقليم وادي الذهب، بعد إنسحاب موريتانيا من الإقليم بتاريخ الرابع عشر من غشت سنة 1979، حيث تولت إدارته الفعلية لسنوات مضت بفعل مطامعها المؤسسة على كون إقليم وادي الذهب تابع لها تحت مسمى تيرس الغربية. بسطت موريتانيا سيطرتها الفعلية على إقليم تيرس الغربية كما تُسميه “وادي الذهب”، نتيجة لإتفاقية مدريد الثلاثية الشهيرة الموقعة بين المملكة المغربية والمستعمر السابق إسبانيا وموريتانيا، والتي منحت المغرب إقليم وادي الساقية الحمراء، والجارة الجنوبية إبان نظام المختار ولد داداه إقليم وادي الذهب، وإسبانيا نسبة من موارد المنطقة الطبيعية، إذ جاءت إتفاقية التقسيم تلك بعد مرور يناهز العقدين على رفع مطالبها القاضية بضم الصحراء كجزء من أرض البيظان بمؤتمر آلاك الموريتانيى بتاريخ 2 ماي سنة 1957. ولجت موريتانيا تراب تيرس الغربية “وادي الذهب” في سنة 1976 حيث أدارته لسنوات تحت علمها، معلنة الإقليم ولاية موريتانيا الثالثة عشرة، تحت حكم المختار ولد داداه، قبل أن تفتك بها حرب الصحراء والإصطدام العسكري مع جبهة البوليساريو حديثة النشأة، والتي تقوت في ظرف قياسي بإسناد جزائري ليبي. إنسحبت موريتانيا مكرهة من إقليم وادي الذهب، حيث عجزت مواكبة الصدام العسكري وتأمين الإقليم لتتكبد خسائر كبيرة، وتقع اتفاقية دفاع مشترك مع المملكة المغربية سنة 1977، لتقوية الخطوط ضد هجمات جبهة البوليساريو التي حاكت استراتيحية حرب العصابات بصحراء قاحلة. وظهرت أولى بوادر هزيمة الموريتانية بإقليم وادي الذهب بعد توسيع جبهة البوليساريو لدائرة المعارك العسكرية ضد موريتانيا، إذ وصلت على حين غرة لمشارف العاصمة انواكشوط، أين قُتل الأب الروحي لجبهة البوليساريو وزعيمها الولي مصطفى السيد، نتيجة لغارة جوية فرنسية إستهدفت سيارته، بيد أن أحد أهم الاسباب التي مهدت للإنسحاب من وادي الذهب كانت سياسية أكثر منها عسكري، عندما إنهارت دعائم حكم المختار ولد داداعه في موريتانية نتيجة لإنقلاب بتاريخ العاشر من يوليوز سنة 1978 عصف بحكمه ليتولى المصطفى ولد محمد السالك الحكم، وما عقب ذلك من تناحر على السلطة أشر على ضعف البنية السياسية والعسكرية الموريتانية. مباشرة بعد تولي المصطفى ولد محمد السالك للحكم في موريتانيا بدأت ملامح الإنسحاب الموريتاني تظهر للعيان، حيث حاول الرئيس الجديد تجنب المزيد من الخسائر من خلال إشهار نفوره لسياسة سلفه المختار ولد داداه من مسألة الصحراء، بيد أن إنقلابا عسكريا في السادس من أبريل سنة 1979 أطاح بحكمه، لتحل اللجنة العسكرية للخلاص الوطني في أبريل محل اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني التي سبق وأعلن عنها المصطفى ولد محمد السالم، حيث تم تعيين المقدم أحمد ولد بوسيف وزيرا أول لموريتانيا، بيد أن للأقدار رأي آخر بإعلان وفاته في 27 ماي من ذات السنة، إثر سقوط طائرته المتوجهة إلى السنغال، ليبرز إسم محمد خونا ولد هيداله كخلف له، والذي أحبط بدوره محاولة إنقلابية اخرى للمصطفى ولد محمد السالك في شهر يوليوز 1978، لتُعلن جبهة البوليساريو وقف هجماتها العسكرية من جانب واحد لإستمالة الطرف الموريتاني، قبل ان تعود الجبهة لحمل السلاح مجددا في يوليوز سنة 1979 من خلال عملية عسكرية بمنطقة “تشلة”. أعادت عملية تشلة العسكرية الحديث عن وجوب إخراس صوت المدافع بين الجانبين، وضرورة إعادة إحياء العملية التفاوضية بينهما لإعلان وقف إطلاق النار، حيث باشرا إتصالاتهما برعاية جزائرية في فريتاون السيراليونية، ويتلوها لقاءات مباشرة في 3و4 غشت 1979 بالجزائر، إنتهت بدخول اتفاقية السلام بينهما بتاريخ الخامس من نفس الشهر، الشيء الذي لم تستسغه المملكة المغربية والملك الراحل الحسن الثاني، الذي إعتبرها خيانة للمغرب، لتلج القوات المسلحة الملكية المغربية إقليم وادي الذهب، بتاريخ اليوم الموافق للرابع عشر غشت من سنة 1979، معلنة الإقليم مغربيا مسترجعا.