مرت أزيد من سنة ونصف، لا يزال مشروع القانون المتعلق بتوسيع التغطية الصحية لتشمل الوالدين يراوح مكانه بمجلس المستشارين، وهو ما يثير تساؤلات من جديد حول جدوى وجود مؤسسة المستشارين إذا لم تكن تساعد على تمرير المشاريع أو تقديم تعديلات جوهرية لقوانين مهمة وتخدم مصلحة المواطنين، بدل استمرار ظاهرة البلوكاج في أكثر من مشروع قانون بسبب صراعات “سياسية” ومصالح اقتصادية ضيقة. خلال بحثنا في هذا الموضوع، أعادنا القصة إلى بدايتها وهي كيف أن عبد الاله بنكيران، التقط فكرة توسيع التغطية الصحية لشتمل الوالدين، ومن اقترحها عليه؟ وهل تفاعلت النقابات مع الفكرة في البداية؟ ومن سبب البلوكاج لمشروع سيدخل البهجة على الملايين من المغاربة؟ وأين وصل الملف؟. مصادر متعددة، تحدثنا اليها، أكدت ل”كود” أن الفكرة لم تكن لبنكيران، وإنما استلهمها من جلسة جمعته مع نقابيين بمقر رئاسة الحكومة، بحضور عبد الله باها، ووزراء في الحكومة، ووفد نقابي يترأسه محمد يتيم.. خلال فترة الحوار الاجتماعي، بين سنتي 2013 و2014، حيث عرفت إحدى الجلسات الحوارية جدلا بين بنكيران وقيادي نقابي في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، حول عدد من القضايا. النقاش صعد إلى مستويات مما أغضب بنكيران، لكن بعد أن اقترح عليه القيادي النقابي فكرة توسيع التغطية الصحية تشمل الوالدين، وهو ما استحسنه بنكيران وعلق عليه :”دبا دويتي هاد المقترح غانتبناه”. بنكيران أعجب بالفكرة واقترحها على زعماء النقابات الأكثر تمثيلية، فكان رد مخاريق المليود عليه :” علاه حنا مساخط الوالدين”، وعبر له عن ترحيبه بالفكرة. أما الزعيم النقابي نوبير الاموي، فقد أعجب بدوره بالفكرة وقال لبنكيران :”الى درتي غير هادي راك خدمتي هاد الولاية الكاملة”. لكن ماذا وقع بعد ذلك؟ ببساطة النقابة الاكثر تمثيلية، لم تتفق على تمرير مشروع القانون المشار اليه بلجنة التعليم والثقافة والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، حيث كشف مصدر من داخل اللجنة :” أن هناك عرقلة واضحة تقودها أطراف نقابية للأسف ومستشارين من فريق البام”. فمنذ مصادقة الحكومة السابقة، برئاسة عبد الإله بنكيران، يوم الخميس 21 يوليوز من العام الماضي، على مشروع قانون، بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات في القطاع العام، والذي يسمح بتوسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل الوالدين أيضا، لم يرى المشروع النور بعد، بسبب رفض النقابات لبعض بنوده وكذا عدم تحرك الوزير الجديد في الملف. لحدود لا يزال القانون المذكور محتجزا داخل لجنة التعليم والثقافة والشؤون الاجتماعية بالغرفة الثانية، منذ يوليوز من العام الماضي. و”مشروع قانون مثل هذا يمكن المصادقة عليه في وقت قياسي، والذي جاء لتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية” يوضح مصدر برلماني، الذي أقر بأن عرقلة مثل هذه القوانين يؤكد من جديد أن الغرفة الثانية تساهم في كثير من الاحيان في عرقلة عدد كبير من مشاريع القوانين. وحسب مصدر مطلع، فقد سبق لرئيس اللجنة، عبد العلي حامي الدين ، أن تحدث مع وزير الصحة السابق الحسين الوردي، من أجل ايجاد حل توافقي وتعديل القوانين التي ترى النقابات العمالية ستتضرر منها الطبقة الشغيلة، وهو ما استجاب له الوردي، لكن سرعان ما تبدد وعد الوزير بعد أن نزل عليه خبر الاعفاء الملكي كالصاعقة، ويكون بذلك الاعفاء ساهم في استمرار بلوكاج القانون. فهذا البلوكاج طال أمده بخصوص قانون ينتظره الآلاف من الآباء في المغرب، الذي يجيز لهم الاستفادة من التغطية الصحية الإجبارية، الذي خصصت له الحكومة قرابة 6 ملايير درهم لتنزيله. ويهدف هذا المشروع، إلى تمكين أم أو أب المؤمن، أو هما معا، وذلك على غرار الزوج والأولاد، من الاستفادة من نظام التأمين الإجباري عن المرض لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات بالقطاع العام. لكن بعد مرور ما يفوق عن سنة ونصف، لا يزال مشروع القانون محتجزا بمجلس المستشارين، ويقول مصدر برلماني إن ممثلي النقابات بالمجلس رفقة مستشاري حزب “الاصالة والمعاصة” يعرقلون بشكل مستمر عدد من القوانين من ضمنها هذا المشروع المهم القاضي باستفادة الآباء من التغطية الصحية”. ويضيف المصدر إن “المعرقلون لمشروع القانون يستندون لبعض المببرات كتضرر عدد كبير من الموظفين بهذا القانون، بالاضافة إلى امكانية خلق اختلالات في التوازن المالي”. سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، سبق أن قال إن “التغطية الصحية للوالدين في مجلس المستشارين، تمت عرقلته أكثر من سنة”، معتبرا أن “هذا الإصلاح، لّي ما يخلينا مساخيط الوالدين، كان يمكن أن يخرج إلى الوجود في 24 ساعة” ويرمي هذا القانون إلى الاقتطاع الإجباري من أجور جميع الموظفين والعمال ودون استثناء لتغطية التأمين الصحي للآباء والأمهات الذين لا يستفيدون من أية تغطية، وهو ما اعتبره نقابيون مخالفا لما نصت عليه مدونة التغطية الصحية الأساسية والقانون 65.00 في مادته 5.