منذ إحالة الحكومة لمشروع قانون التغطية الصحية للوالدين، على الغرفة الثانية، قبل أكثر من عام، لم تتمكن لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية من الشروع في مناقشته، بسبب خلافات بين نقابتي الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل من جهة، والأغلبية الحكومية في المجلس، من جهة ثانية. المشروع اعتبرته الحكومة السابقة أحد أبرز منجزاتها، لأنه يسمح بتوفير تغطية صحية الوالدين، الذين لا يستفيدون من أي تغطية رغم كبر سنهم وتعرضهم للأمراض، لكن النقابتين في الغرفة الثانية لهما رأي آخر. في آخر اجتماع لمكتب اللجنة عقد في نهاية يوليوز الماضي، بهدف برمجة الشروع في تقديم النص ومناقشته، بحضور وزير الصحة الحسين الوردي، عبر ممثلا النقابتين عن اعتراضهما على النص ورفضا برمجته، ما جعل المشروع يبقى حبيس الرفوف. الوزيرة بسيمة الحقاوي سبق أن انتقدت «عرقلة» النقابيين للمشروع بالقول: «إنهم لا يريدون رضا الوالدين»، فيما تفاعل مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي مع الموضوع، ومنهم من كتب أن النقابات «مساخيط الوالدين»، فما حقيقة اعتراض النقابيين؟ الأمر يتعلق بمشروع قانون صادقت عليه الحكومة في 21 يوليوز 2016، ونص على تغيير وتتميم القانون، رقم 65.00، المتعلق ب»مدونة التغطية الصحية الأساسية» لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات، في القطاع العام، والذي يسمح بتوسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل الوالدين. وهو يهدف إلى تمكين أم أو أب المؤمن، أو هما معا، على غرار الزوج والأولاد، من الاستفادة من نظام التأمين الإجباري عن المرض لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات بالقطاع العام. المشروع يعدل ويغير المادة 5 من مدونة التغطية الصحية التي تم الشروع في تطبيقها في غشت 2005. هذه المادة تنص حاليا على مبدأ التغطية الصحية للأصول (الوالدين)، لكن على أساس «اختياري»، أي إن الموظف، الذي يريد أن يدخل معه والديه في التغطية الصحية، يمكنه ذلك على أساس أن يتحمل اقتطاعا جديدا. ورغم أن هذا النص موجود في القانون منذ 13 عاما إلا أنه لم يطبق إلى أن حركته حكومة عبدالإله بنكيران المنتهية ولايتها. النقطة الأساسية التي اعترضت عليها النقابتان هي فرض إجبارية الاقتطاع على الموظفين لتوفير التغطية الصحية للوالدين. وفي هذا الصدد تقول رجاء كساب، برلمانية الكونفدرالية للشغل، إن «النقابات هي التي ناضلت من أجل توفير التغطية الصحية للوالدين»، منتقدة ما سبق أن صرحت به بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة، التي انتقدت النقابات المعترضة قائلة: «إن النقابات لا تريد رضا الوالدين». وأضافت كساب أن المادة 5 من مدونة التغطية الصحية، «وُضعت بطلب من النقابات»، وهي التي «طالبت بتفعيلها»، مشيرة إلى أن مشكل الحكومة هي أنها «ألغت مبدأ الاختيارية» و»فرضت على جميع الموظفين أن يؤدوا أقساطا إضافية» للتغطية الصحية للوالدين. وهذا يعني، حسب كساب، أن «الأب أو الأم اللذين لهما أربعة موظفين في الوظيفة العمومية، فإنهم جميعا سيخضعون للاقتطاع»، وأن الأب الموظف المستفيد من التغطية، لن يعفى ابنه الموظف من الاقتطاع، وأن «الموظف الذي توفي والداه سيخضع للاقتطاع»، و»الموظف المتقاعد بدوره سيخضع للاقتطاع لفائدة تغطية الوالدين»، وتعلق كساب أن «الأمر يتعلق باقتطاع جديد سيفرض على جميع الموظفين والمتقاعدين سواء كان لهم والدين أم لا». لكن في المقابل رد عبدالصمد مريمي، برلماني الاتحاد الوطني للشغل، في الغرفة الثانية، قائلا بأن: «أنظمة التأمين كلها تقوم على أساس تضامني»، مضيفا «إذا تم اعتماد مبدأ الاختيارية، فإن كلفة الاشتراك سترتفع والصندوق سيكون مهددا في ديمومته ماليا». وحول فرض مساهمات على جميع الموظفين حتى الذين ليس لهم آباء، رد قائلا: «المهم الآن، أن نتفق على المبدأ، ويمكن فيما بعد مناقشة موضوع المساهمات بتفصيل، لتحديد نسبة مشاركة كل موظف حسب وضعيته». ومع حالة البلوكاج، الذي يواجهه هذا المشروع يروج البعض بأن النقابات، تطالب بسحب هذا النص من البرلمان وإعادته لطاولة الحوار الاجتماعي، لكن مصدرا من مكتب اللجنة، قال ل»أخبار اليوم»، إن النقابات المعترضة تطالب بعقد لقاء «غير رسمي» مع وزير الصحة الحسين الوردي، من أجل تقديم شروحات موسعة حول المشروع، قبل الموافقة على برمجته.