في الديمقراطيات حين يقدم مسؤول حزبي كبير استقالته يخرج من الحياة السياسية ان كان مقصرا في عمله…بمعنى ينهي مساره السياسي لأنه يرى نفسه غير كفؤ في الديمقراطية المغربية يقدم المسؤول الحزبي استقالته من الامانة العامة لكنه يبقى رئيسا لجهة كبيرة، السؤال : من لا يستطيع تسيير حزب ويعترف بفشله هل يستطيع التعويل عليه لتسيير واحدة من الجهات التي تشكل دخلا قويا داخل المنظومة الاقتصادية للبلاد؟. لنعترف أن الياس العماري لم يفشل البتة في تسيير حزبه، ومن استطاع حصد ازيد من مائة مقعد برلماني التهمها من حصة الاحزاب الاخرى التي كانت تكتسح الساحة بالامس القريب فهو يعي جيدا كيف تسير لعبة السياسة بالمغرب ولا يمكن أن يفشل في التسيير، اذن لماذا قدم استقالته؟. استقالة العماري هي تمهيد لا محالة لاستقالة امناء عامون اخرون والطريق المفتوح لتنصيب حكومة ائتلاف وطني، كيف ذلك؟. من غير المفهوم أن ينتهي الحال بإستقالة العماري ومن غير المستبعد أن تكون استقالة لشكر وساجد والعنصر في الطريق، وبعد تنصيب امناء عامون جدد للاحزاب الاربعة أولا سيكون العماري في حِلٍ من العهد الذي قاله سابقا بعدم دخول الحكومة مع البيجيدي والامين العام الجديد لن يكون لديه مشكل في الامر، اما الأمناء العامون الثلاثة لأحزاب الحصان السنبلة والوردة فسيتجهون بدون شك إلى رفض البقاء في حكومة لا تتماشى مع الخطاب الملكي، لذلك سنرى بلوكاج حكومي ثاني قد لا يكون في غضون اشهر أو قد يكون، هنا سيجد الطبيب النفسي نفسه أمام معضلة حقيقية ستتجه الى تحميل حزبه مسؤولية اغراق البلاد ولن يجد البيجيدي شماعة البام ليلصق فيها أسباب البلوكاج، هذا ما سيعجل بإعلان العثماني لاستقالته وذلك نظرا للظروف المحيطة. اعلان استقالة العثماني سيجعل الباب مفتوحا أمام حل آخر وهو إعلان حكومة ائتلاف وطني، الحكومة ستعرف أيضا اقصاء حزب التقدم والاشتراكية واشراك البيجيدي وادخاله في رقعة واحدة مع البام. يبقى السؤال من سيقود هذه الحكومة؟، والواهم هو الذي سيعتقد أن عزيز اخنوش سيكون رئيسا لها إذ أن الشخص الذي سينصب لهذا المنصب قد يكون بعيدا كل البعد عن التوقعات، لهذا فإن أي توقع سيكون خاطئ بشكل تام.