سلهام عمر بلافريج. سلهام يعود إلى الراحل عبد الرحيم بوعبيد. لا يبلى، ولا تلوحه الشمس، ولا يتغير لونه، ولا يتمزق. إنه ليس مجرد سلهام، بل أكثر من ذلك. ومن يرتديه يرث السر. ومن يلبسه يحلق في السماء. وما ظننتموه سلهاما ليس سلهاما، بل طيلسان سحري وقد جاء ذكره في الكتب القديمة، ولمح إلى ظهوره الكهان، وورد في مظروف رسالة صفراء عثر عليها في كهف قبل عشرات القرون من الآن، أنه سيأتي فارس شاب، وسيرتدي طيلسان زعيم وطني كبير، وسيركب جوادا أبلق، ونعلا أبيض، وسيشع منه نور، وسوف يبهر كل اليساريين، وسوف يثور على الطربوش المخزني الأحمر الرجعي. وقد شاهد الناس عمر بلافريج وهو يطير فوق فندق باليما، بعد مغادرته البرلمان، والرفاق في الفيدرالية يلوحون له بأكفهم. وحين كان النواب الآخرون يستقلون سياراتهم، كان عمر بلافريج في سدرة المنتهى. والعاطلون عن العمل ينتظرون نزوله. والرفيقة نبيلة تتأمل في السماء وترى وهي تتفرج في التلفزيون هالة مشعة بيضاء. وقال شيخ كان خارجا من مقهى: اسمه مذكور، اسمه مذكور في الكتب، وعلامته سلهامه، وسلهامه لرجل راحل، والرجل مشهور. وفي السلهام قوة خارقة وسر رباني. ومن يلبسه يطير، ومن يرتديه يصبح زعيما، ويحقق المعجزات، فيتنازل عن تقاعده، ويتنازل عن راتبه، بينما البشرية كلها منبهرة بصاحب السلهام. وفي كل يوم يحقق معجزة ويفغر اليساريون أفواههم وفي كل يوم يلبس عمر بلافريج السلهام، ويطير به عاليا، ليرى من فوق الشعب المغربي وهو يعاني من الاستبداد والفساد. وما لا تعرفونه عن هذا السلهام أنه مضاد للتعرق، وواق من المطر، ويمنع تسلل الأفكار اليمينية إلى الرأس. وأروع ما فيه أنه يتكلم وقد سمعه بعض المارة يقول لعمر بلافريج: يا عمر يا عمر أنا سلهامك الآن وترتديني لكن واحتراما ووفاء لمالكي الأصلي واحتراما للراحل عبد الرحيم بوعبيد لا تذهب بي إلى حزبك وفيدراليتك لا تذهب بي إلى أصحاب نوبير الأموي ونقابيي الاتحاد الاشتراكي ولا تذهب بي إلى الطليعة فكم شتموا السي عبد الرحيم وكم خونوه وكم اعتبروه يمينيا وكم أهانوه وأرغموه على الانسحاب من المؤتمر فلا تقل لي يا عمر أنك بوعبيدي البوعبيدي لا يذهب إلى هذا النوع من اليسار الذي حسم معه السي عبد الرحيم، وعانى من شعاراته وعنفه ومن اتهاماته الجاهزة. فأي بوعبيدية هذه يا عمر تتحدث عنها رجاء رجاء لا تأخدني معك اخلعني ضعني في الدولاب أبعد كل هذا العمر أجدني في نفس الحزب مع الأموي والطليعة لا تحرجني مع السي عبد الرحيم لا تحرجني مع التاريخ البوعبيدية يا عمر ليست قرابة عائلية، بل روح وفكر وسياسة وممارسة، وهي إرث للمغاربة، وليست احتكارا وليست كلمة نطلقها في الهواء اخلعني يا عمر اخلعني اطوني وضعني في الدولاب أنا سلهام الراحل وأعرفه أفضل منك ولو كان حيا لفعل أي شيء إلا أن يعود إلى كل ما كان يرفضه في السياسة ويقوم بما قمت به هذه ليست بوعبيدية يا عمر هذا نقيضها وأنا سلهامه أبرىء نفسي من كل ما تدعي وأنسحب ولن أخرج مرة أخرى من الدولاب.