يتميز زفاف مدينة أبي الجعد بالكثير من الزخم والتنوع الذي يجعل من المناسبة تجسيدا لتاريخ المنطقة، حيث تحضر عبارات المديح المستقاة من الحقل الديني باعتبار المدينة معقل الزاوية الشرقاوية. و يتخلل ذكر بوعبيد الشرقي مؤسس الزاوية كل مراحل الاحتفال كنوع من التبرك الذي يترجم تأثر الساكنة بإشعاع الزاوية. تتوجه الفتاة رفقة أسرتها نحو زاوية بو عبيد الشرقي قبيل استقبال الخطاب كنوع من الاستخارة وطلب البركة. بعد إبداء العروس موافقتها على طلب الزواج تشرع الأسرتين في الاستعداد لتحضير وليمة العرس، وتحرص الأسر على إعداد وجبة الكسكس إلى باقي الوجبات العصرية، ويفضل أن يكون الكسكس محضرا بطريقة تقليدية، حيث تعمل والدة العروس على دعوة قريباتها وجاراتها إلى البيت من أجل المشاركة في غسل القمح. لوح الزاوية يتوسط كومة القمح تقوم كل واحدة من الدعوات بإحضار طبق خاص بها مليء بالحبوب، وتتجمع النساء ثم يشرعن في نثره فوق قطعة ثوب وهن واقفات، ثم يثبت وسطه لوح خشبي من الزاوية طلبا للبركة. يعتبر هذا الطقس فرصة للنساء من أجل الترويح عن أنفسهن، حيث تقوم مجموعة منهن بتولي الرقص والغناء من أجل بث الحماسة في الحاضرات اللواتي يتكلفن بتنقية القمح، وطحنه، ثم فتله للحصول على حبات الكسكس بالطريقة التقليدية، وتتناوب النساء على الرقص والعمل. تفتتح والدة العريس مراسيم الإحتفال داخل بيت العروس، حيث تتجه رفقة قريباتها نحو بيت العروس حاملة معها الحناء والسكر لتشرف على حفل الحناء الأول الذي يحيل على كون العروس أصبحت تابعة لسلطة حماتها، حيث تجلس الحماة وسط الغرفة، وتضع أمامها صحنا كبيرا من الفخار بداخله كمية كبيرة من الحناء، و إلى جوارها صحن فضي به قالب سكر احتفظت به العروس يوم خطوبتها، بيضة، أوراق من الزعتر. تجلس العروس إلى جانب حماتها التي تعمل على تخضيب شعر زوجة ابنها بالحناء التي مزجتها بنفسها. بعد وضع الحناء يكسر قالب السكر ويؤخذ قسمه العلوي ليوضع على رأس العروس، ثم يغطى بمنديل أبيض ليتخذ شكلا مخروطيا. تتقدم العازبات نحو والدة العريس لتخضب شعورهن بالحناء ثم يغطين شعورهن ويجلسن إلى جانب العروس. في اليوم الموالي تعمل العروس رفقة صديقاتها من العازبات على غسل شعورهن من الحناء، والتزين إستعدادا لاستقبال هدايا أسرة العريس التي تتزامن مع إقامة حفل الحناء الثاني. تتقدم والدة العريس موكب تقديم الهدايا، أو مايصطلح عليه سكان أبي الجعد "الدفوع"، ممسكة في يدها اليمنى قصبة بها مجموعة من المناديل الملونة، ومعها عدد من المرافقات اللواتي يساعدنها في حمل الهدايا المرتبة فوق صحون من الفضة، وتتكون في الغالب من ملابس تقليدية، حلي، حنة، تمر، فواكه جافة، عسل، سمن، بقرة. أساور فضية في سلهام العريس تستقبل أسرة العريس من طرف أسرة العروس حيث تعمل العازبات على رش الوافدات بالعطور، بينما تقوم المتزوجات بمشاركة الوافدات في رقصة جماعية ترفع الكلفة بين الحاضرات. بعد جلوس الضيوف تلج العروس المجلس بوجهها المحجوب مرتدية ثوبا أخضر، محاطة برفيقاتها اللواتي شاركنها في الحناء الأولى، وتتزين الفتيات بمناديل سوداء يتدلى منها ما يشبه أجراس صوفية، أو أهداب حريرية تضفي عليهن جمالا خاصا. يوضع صحن من الفضة على يمين العروس به تمر، قالب سكر، كوب حليب، طبق حناء. تقوم سيدة من الحاضرات بوضع الحنة في كفي العروس، بينما تتولى سيدة أخرى حمل قالب السكر عاليا في الهواء، معلنة بداية طقس تقديم الهدايا من طرف الحاضرات. خلال اليوم الذي سيشهد انتقال العروس لبيت زوجها، تحرص أسرة العريس على إقامة حفل حناء لابنها في جو حماسي وبحضور العديد من الفرق الغنائية الشعبية. يرتدي العريس جلبابا و سلهاما أبيضين مع تغطية وجهه. قبل خروج العريس باتجاه الخيمة التي يقام فيها حفل الحناء تضع خالته بمعصمه حزمة صغيرة بها القليل من الملح، الشبة، الحرمل. يخرج العريس محاطا بنساء العائلة، بينما تحرص فتاتين على الامساك بطرفي سلهامه وتحريكهما باستمرار، بينما تقف على يمينه والدته التي تحمل في يدها قصبة بها منديل أبيض وباقة من الورد. يجلس العريس وسط الخيمة، ويوضع أمامه طبق به قالب سكر مزين بخطوط مرسوم بماء ملون بالزعفران، و أعواد الند، الحناء، الحليب، التمر، محاطا بصديقيه و نساء العائلة، وتحرص إحدى الفتيات على الوقوف خلفه طيلة الحفل في إشارة إلى حماية ظهره، وحفظه من أي عمل سحري، وتعمل الفتات على تحريك برنس سلهامه طيلة الاحتفال، بعد أن تضع فيه مجموعة من الأساور الفضية التي تصدر صوتا عند تحريكها. يقوم العريس بنزع الشريط الذي سبق لخالته أن عقدته بيده، ثم يقدم يده للحناء من خلال وضع دائرة من الحنة وسط كفيه، ويقدم له التمر والحليب وسط جو حماسي ينخرط فيه الجميع في لوحات راقصة، ثم يبدأ طقس الغرامة الذي ينشطه عبيدات الرمى. بعد انتهاء الإحتفال تخرج أسرة العريس لإستقابل العروس التي تتوسط أسرتها بوجهها المحجوب بمنديل أبيض مطرز يخفي شعرها المجدول بخيوط صوفية وأخرى حريرية تتخللها قطع نقدية فضية قديمة. يقدم التمر والحليب للعروس، وتندمج الأسرتين في الرقص والغناء، ثم يوضع بساط تحت قدم العروس فوقه بيضة لتدوس عليها طلبا للرزق، لتتوجه بعد ذلك نحو المنزل بينما تتوجه الأسرة نحو الخيمة لمتابعة الاحتفال بحضور العريس.