ما بين توالي الزلازل على رأس الحسيميين وصخب الصيف القادم الذي يجعل الحسيمة تلتهب بحرارة الصيف والاسعار معا إفتتح فيلم "مسافة ميل" لمخرجه سعيد خلاف أول أيام مهرجان "إ صورة" السينمائي في دورته الثانية. كانت قاعة العروض بدار الثقافة بالحسيمة تتهيئ لإستقبال زوار النسخة الثانية الذين سيشاهدون عرض الفيلم الذي توج بالجائزة الكبرى بطنجة، كل من جاء حضر ليشاهد أي فيلم هذا الذي إستحق الجائزة. بدأ العرض بمشهد إمرأة تصرخ وكأنها تستغيث لإنقاذ طفلها لكن المشاهدين سيعلمون لاحقا أنها كانت تغتصب، مشهد تلوى الآخر وبدأ الزوار يتسللون إلى خارج القاعة، كلما زادت حدة الكلمات التي رآها بعض المشاهدين فاحشة يتسلل أولئك الذين جاؤوا لمشاهدة فيلم مفصل على مقاسهم، فيما ظلت البقية تشاهد الفيلم الذي إعتمد على فلاش باك بداخل فلاش باك مسرحي. لم تكن المشاهدة ممتعة، على الاقل بالنسبة لي، ليس العيب في الفيلم، إنه عيب من نوع آخر، أربعة مراهقين تود لو ترمي بهم إلى داخل الفيلم ليلتهمهم بطله الذي كان متشردا فأصبح لصا شرس، لم يتوانى الاربعة عن إزعاجي، تماما كما عاش الكومبارس الازعاج على يد بطل الفيلم الذي إبتدأت حياته بالمعاناة بكل أصنافها حتى يخيل للمتلقي أن الكاتب والمخرج سكبا كل مشاكل العالم فوق الصبي الي أصبح لصا يرغب في الزواج، وكلما حاولت أن أثنيهم عن الوشوشة وإشعال ضوء الهاتف لرؤية بعضهم البعض، أتذكر أن الكلمات والمشاهد قد تلقي بهم خارج العرض إنها أكبر من سنهم، ولأنهم فهموا أن الفيلم غير موجه إليهم فقد عقدوا العزم على جعلي ضحيتهم الذي تلذذوا بتعذيبه كما تلذذ "النمرود" بتعذيب بطل الفيلم نفسيا. إنتهى العرض وصفق جميع الحاضرين على فيلم إستحق التتويج كما تخيله البعض كما خاب أمل آخرين حضروا لمشاهدة فيلم لا يتحدث بالفعل عن واقع الاطفال المشردين، تحاشوا أن يشاهدوا الواقع كما هو وفضلوا المغادرة وبقي المراهقين الاربعة ملتفين حولي ينغصون علي متعة المشاهدة، لكني إكتشفت في النهاية أني شاهدت فيلمين، أحدهما عن متشرد والثاني عن أربعة مراهقين متنمرين حصلوا على بطاقات دعوة فيما حرم منها من يتذوقون الفن على الارجح.