يعرض حاليا في بعض القاعات السينمائية ببلادنا فيلم أمريكي بريطاني جديد يحمل عنوان «INCEPTION» قام بإخراجه و كتابته و إنتاجه البريطاني (كريستوفر نولان) صاحب الفيلم المشهور «الفارس الأسود» و الذي يجمع بين عدة مهن سينمائية كمخرج و ممثل و سيناريست و منتج و مدير التصوير و مصمم للمناظر و الملابس. استطاع هذا الفيلم فور توزيعه خلال شهر يوليوز الماضي بأمريكا و فرنسا أن يحتل لبعض الوقت المرتبة الأولى من ناحية المداخيل المالية، وهو من بطولة الممثل الأمريكي المشهور (ليوناردو دي كابريو) في دور اللص «دوم كوب» و الممثلة الفرنسية (ماريون كوتيار) التي سبق لها أن فازت بأوسكار أحسن ممثلة عن أدائها الرائع في فيلم «لاموم» الذي شخصت فيه السيرة الذاتية للمغنية الفرنسية إديت بياف، و تشخص في الفيلم الجديد دور «ميل»، زوجة اللص «دوم»، و يتضمن هذا الفيلم أيضا مقتطفات من أغنية « نو ريان دو ريان» لإديت بياف، و تشارك أيضا في بطولته دوامة صغيرة تلعب دورا رابطا مهما بين شخصياته الرئيسية. يحكي هذا الفيلم خلال 148 دقيقة قصة لص و مرتزق بارع و مشهور يدعى دوم كوب» يعيش بين الحلم و اليقظة و له كفاءة عالية في استعمال الحلم لسرقة أهم و أخطر الأسرار الموجودة في مخ الإنسان الأمر الذي جعل منه شخصا مطلوبا بكثرة في عمليات التجسس الصناعي و التجاري و الذي جعل منه أيضا شخصا مطاردا و مهددا بالقتل في مختلف أنحاء العالم و متهما بقتل زوجته. تعب اللص «دوم كوب» من هذه الحياة المليئة بالمغامرات و الأخطار و قرر أن يقوم بمهمة أخيرة قبل العودة إلى الواقع و العيش في هدوء إلى جانب ابنه الصغير و ابنته الصغيرة اللذين لا يراهما إلا في الحلم، و تتلخص هذه المهمة في القضاء على شركة كبيرة متخصصة في مجالات الطاقة و ذلك بمحاولة تنويم ابن مالك هذه الشركة المتعطش لوراثتها عن أبيه و شحن مخه بأفكار تؤدي إلى تدمير هذه الشركة في أقصر وقت ممكن. سينفذ اللص «دوم» هذه المهمة بطلب من أحد الأشخاص الذي يعاني كثيرا من منافسة تجارية شديدة من طرف هذه الشركة، و سيقوم بتشكيل فريق متكون من بعض الأشخاص المتخصصين في مجالات مختلفة و الذين سيرافقونه في هذه المهمة الصعبة و شبه المستحيلة. يجمع هذا الفيلم المثير و المسلي بين المأساة و الحركة، بين الواقع و الميتافيزيقا و الخيال العلمي و الفانتاستيك، يصعب فيه كثيرا معرفة الحد الفاصل بين الخيال و الواقع و بين الحلم و اليقظة، و بالرغم من بعض لقطات الفلاش باك التفسيرية ،فإن التطورات السريعة لأحداثه المبعثرة بفعل المونطاج ،تتطلب تركيزا في الإنصات و أكثر من مشاهدة واحدة لفهمها جيدا. الفيلم جيد من ناحية التشخيص و غني بالمؤثرات الرقمية المرئية و المسموعة المبهرة أحيانا، و مثير بتطوراته المصحوبة بموسيقى تدعو في لحظات الهدوء إلى الانتباه و الحذر و الترقب ، و هو من نوع الأفلام التي لا يقهر فيها البطل، و عبارة عن متاهة و سفر عبر أنحاء العالم في الحلم و اليقظة مطعم بتوابل سينمائية تجعل المشاهد الذي سيصبر على مشاهدته إلى النهاية يحس كأن رأسه كانت مقلوبة أثناء مشاهدته.