يحب عبد العزيز أفتاتي الحديث في الهاتف. ويحب أكثر أن يتصل به الصحفيون في أي وقت، وفي أي مكان كان فيه. كأن الذين اخترعوا الهاتف النقال اخترعوه من أجله كأنهم كانوا يعرفون أن برلماني العدالة والتنمية موجود، فقدموا له هذه الهدية الثمينة من أجله هو وحده، ولكي يكون سعيدا ومبسوطا ومنشرحا، وهو يرد على المكالمات. لكن يبدو أن عبد العزيز أفتاتي يحب شيئا آخر أيضا يحبه مثل الهاتف أو يحبه أكثر يبدو أنه يحب الصور مثلما يحب الهاتف النقال يحب أن يلتقط له إخوانه الصور والمدهش أن الهواتف صارت في هذا الزمن، يا للعجب، تلتقط هي الأخرى الصور بضغطة بسيطة، ضغطة واحدة، وهاهي الصورة في الفيسبوك وفي تويتر وفي إنستغرام وفي المواقع الصديقة والعدوة وفي الجرائد وها هو عبد العزيز أفتاتي يمتطي ظهر بغل وها هو أفتاتي، البطل الهمام، يفك عزلة مناطق المغرب المعزولة ها هو يعبر الوديان ويتسلق الجبال والمرتفعات ها هو يفك عزلة أنفكو ها هو يجول قرى المغرب البعيدة ها هو يقتحم الصعاب ويتحمل البرد وقساوة الطبيعة ها هو يلتقي بالناس البسطاء وبالأطفال المحرومين الذين بلا حطب ولا تدفئة وبلا مدارس ها هو يتحمل الثلج والمطر ها هو في الصور الملتقطة التي يتلقفها الأنصار بحرارة ودفء ها هو يتلقى الثناء والمدح ها هو يؤكد أنه بسيط وطيب وإنساني وعلى باب الله ها هو دون غيره يتحمل العناء ويترك المدينة والبرلمان والترف ويسافر إلى حيث لا يسافر أحد وها هو يحرص على إرسال الصور وها هو يغرقنا بها لكن عبد العزيز أفتاتي ينسى أن سلاح الصورة خطير ولا يجب استسهال اللعب بالصور ينسى أن الصور تقتل أحيانا وتقتل أحيانا من التقطها ينسى أن أفرادا ذهبوا حيث ذهب ذهبوا إلى أنفكو وغيرها ذهبوا محملين بالملابس والمعاطف ذهبوا إلى هناك دون أن يعرفهم أحد دون أن يلتقطوا صورا ذهب أشخاص أعرفهم وذهبت جمعيات ذهب متطوعون لكنهم لم يطلقوا علينا رشاش الصور لم يفعلوا مثلما فعل أفتاتي الصورة ليست بريئة الصورة تخضع للتأويل وكما تعني أنك طيب وإنساني فإنها تعني أنك تمن على هؤلاء الأطفال تمن عليهم وأنت تجول قراهم على ظهر بغل تقول لنا الصورة انظروا إلى أفتاتي وهو يضحي انظروا إليه كم هو متواضع لكنها تفضح أيضا المن الإنساني لا يحب الظهور والمتواضع والخدوم يفعل ذلك دون أن يحتاج إلى صور يفعل ذلك لوجه الله ولوجه الإنسانية الكامنة فيه بينما صورتك وأنت على ظهر بغل فيها ربح فيها استغلال لبؤس وفقر ومحنة هؤلاء المغاربة فيها توظيف سياسي لقد ذهب مغاربة كثر إلى أنفكو وقاموا بمجهودات كبيرة ذهبوا من أجل غاية نبيلة وأسعدوا أطفالا ونساء مسنات وشيوخا دون عن يلتقطوا صورة واحدة حرصوا أن يفعلوا ذلك بصمت حرصوا أن لا يهتم بهم الإعلام وأنا أعرف بعضهم جمعيات وأفرادا لكن يبدو أن عبد العزيز أفتاتي يحب الهاتف والصور إنه مهووس باختراعات هذا العصر وربما يعرف أفتاتي تلك الصورة الشهيرة لنسر يتربص بطفل إفريقي جائع تلك الصورة الخالدة لطائر جارح ينتظر موت الطفل الإفريقي ربما يعرف أفتاتي ماذا حل بالمصور الذي التقط تلك الصورة ربما يعرف كيف كانت نهايته لن أقول لك لن أقول لك لن أقول لك يا أفتاتي الصور تقتل يا أفتاتي وحب الظهور يقتل أيضا رغم أن البغل الذي كنت تمتطيه بريء ولا دخل له أبدا في هذا الموضوع وقد أقحم عنوة داخل الكادر.