زاكورة وفكيك والرشيدية هي وفق منطق المخزن، مناطق عقاب لتأديب رجالات المخزن: الأطر والموظفون السامون المغضوب عليهم، والذين كانوا يعملون في مدن المركز، سواء كانوا أمنيين أو رجال سلطة أو قضاة أو أطباء ..الخ. الغريب في الأمر أن ذات المناطق التي تشكل جهة الجنوب الشرقي أو "جهة درعة تافيلالت "وفق التصور الجهوي الجديد، هي مناطق عقاب جماعي، عرفت انتفاضات وحركات اجتماعية وسياسية مناهضة للمخزن، فرزحت طوال عقود ما بعد الاستقلال في ظل الإقصاء والتهميش والحكرة، فتفاقمت وضعيتها ضمن "المغرب غير النافع"، الذي يعرف اليوم أعلى نسب الفقر والأمية والهشاشة..الخ
والجهة ذاتها تحتضن أشهر وأهم المعتقلات السرية، التي احتضنت المعارضين السياسيين من مختلف الأطياف والاتجاهات، في فترة ما قبل الاستقلال وما بعده : فهنا يوجد اغبالو انكردوس، وقلعة مكونة، واكدز، وتازمامارت، وبوذنيب..الخ.
وضدا على منطق جبر الضرر الجماعي، الذي يستهدف إعادة الاعتبار لهذه الجهة باعتماد نوع من التمييز الجغرافي الايجابي، يبدو أن منطق العقاب الجماعي آخذ في الاستمرار، فأن يعاقب مسؤول بتنقيله تأديبيا إلى مناطق الجنوب الشرقي، يعني الإصرار على معاقبة المجتمع المحلي، إذ ما عسى مسؤول أمني(أو قاض أو طبيب..) مغضوب عليه أن يقدم لساكنة الجنوب الشرقي، غير أن يصب جام غضبه، وان يطلق العنان لعقده وأحقاده ؟؟ إن ساكنة الجنوب الشرقي، تستحق من الوطن، رعاية خاصة واستثنائية بحكم ما شهدته من عقود الإقصاء والتهميش، وليس تحويلها إلى منطقة لتأديب المغضوب عليهم...فيكفى أن المنطقة استنفذت قواها بمقاومة غضب الطبيعة والمخزن لعقود وعقود...