تراجع الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات الجماعية الأخيرة في عدة جماعات نافذة في سوس كان أغلب سكانها أوفياء لهذا الحزب، وكان هو يعتبر سوس قلعته المحصنة. فقد الاتحاد في هذه الانتخابات تارودانت مركز سوس الديني، وفقد أكادير عاصمته الاقتصادية، وفقد أيت ملول مركز التصدير والتلفيف الفلاحي، وفقد تاغزوت المحطة السياحية الساحلية الصاعدة وفقد موقعه التسييري في مدينة تزنيت، حيث كان يتوقع نتائج أحسن مما حصل عليه. ولم يحقق نتائج هامة في باقي المناطق السوسية مثل ماسة وبيوكرى، والجماعات القروية في اشتوكة وتارودانتوأكادير. نتائج لا تخرج عن ما حصده الحزب من نتائج وطنيا.
كان الكثيرون ينتظرون الاسثتناء الاتحادي في سوس لكنه لم يحصل. يبقى الاتحاد حاضرا في المشهد السياسي السوسي في المعارضة او المشاركة في التسيير، لكن نتائجه تشبه تماما واقع نتائج الحزب على المستوى الوطني.
كان لمدينة أكاديرتأثيرا كبيرا على صورة الاتحاد في سوس. وقد استمر التسيير الاتحادي لها لمدة 39 سنة. وقد كان عبد الرحيم بوعبيد القائد الاتحادي الراحل قد اختارها دائرة لترشيحه في الانتخابات البرلمانية سنة 1977 في إطار المواجهة التي عرفها الحزب مع الدولة على الواجهتين النقابية والسياسية. غير أن التحولات التي عرفها الحزب تركت ظلالها على أوضاعه في هذه المدينة قبيل حكومة التناوب وبعدها، بانفصال المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي بناها الاتحاديون بأكادير، ولم يتقبلوا انفصالها عن حزبهم وكانت مواجهات دامية حينذاك، إلا أن الأمر انتهى لغير صالح الاتحاد. وحرم هذا الحزب من رافد قوي له في أكادير وسوس لم يتمكن من إعادة بناء بديلا له خصوصا بعد الانشقاق الأخير الذي أصاب الفدرالية الديمقراطية للشغل التي كان يعول عليها في هذا الجانب.
يضاف إلى هذا النزيف ما عاشه الاتحاد من تمزق بسبب الصراع حول البلدية وكان أشرسه في فترة الرئيس السابق لبلدية أكادير طارق القباج.
وقد كان المكتب السياسي الأسبق قد فرض القباج وكيلا للائحة الاتحاد في الانتخابية الجماعية سنة 2003، وهو ما أدى الى مواجهة كادت ان تدمر الحزب في لحظة الاستعداد لخوض تلك الانتخابات.
في نهاية الامر، وجد الاتحاديون أنفسهم مضطرين للقبول بالأمر الواقع. كانت النتيجة أن الأجواء التي عرفها الحزب بعد هذه الرجة متوترة كما أن القباج بعد ان انتخب رئيسا بتحالف مع عدة أحزاب، ظل قليل الثقة في أغلب الاتحاديين.
دام هذا الوضع أكثر من عقد من السنين كانت كافية لتضعف قوة حضور الحزب في المدينة وتفقد السكان ثقتهم التقليدية فيه.
وبعد المؤتمر الوطني التاسع كانت القطيعة النهائية بين الطرفين. حيث ساند القباج تيار البديل الذي أسسه المرحوم الزايدي وعقد له لقاءات بالمدينة وسط احتجاج الاتحاديين بها، وتلاحقت الاحداث ليعتبر القباج أن صلته بالاتحاد اصبحت منتهية.
وأصبح يعامل حزب الاتحاد بالمدينة معاملة الخصم واضطر بعض الاتحاديين في المجلس إلى التعبير عن مواقفهم المخالفة لرأي الرئيس الذي انتخبوه اتحاديا وأصبح خصما للاتحاد قبل انتهاء ولايته.
فكانت النتيجة التي حصدها الحزب في الانتخابات الجماعية الأخيرة متوقعة. أكادير اختارت منح أغلبيتها لحزب يقدم نفسه بديلا للتشرذم الاتحادي الذي أصبح غير مفهوم بالنسبة لساكنتها. لقد مل الأكاديريون الصراعات الداخلية للاتحاد بالمدينة، صراعات تقبلوها في فترات رئاسية اتحادية سابقة مع الراضي والواثيق والبوزيدي، حروب يقودها دائما نفس الأشخاص بذرائع مختلفة.
لكن مع القباج وصلت هذه الصراعات حدا لا يحتمل أنهك الحزب وشتت قدراته واظهره عاجزا عن اقناع الساكنة بمصداقيته.
هذه الاوضاع وهي تنهك الاتحاد في عاصمة سوس كان صداها يتردد في ارجاء سوس كلها فتؤكد لسكانها، أن ما يعاني منه الاتحاد من تصدع وطنيا لم تسلم منه سوس ولا عاصمتها. كل ذلك جعل الاستثناء السوسي الاتحادي أمرا مستحيلا، مع العلم أن مصير هذا الحزب الوطني الوازن في تاريخ المغرب الحديث، مرتبط بمصيره بسوس التي يعتبرها هو نفسه حصنه الحصين.