في سياق يطبعه الانخراط الفعال والجدي لمصالح الأمن في منظومة الممارسة الحقوقية على الصعيد الوطني، وضمن رؤية مندمجة تهدف إلى أنسنة ظروف التوقيف بمراكز الأمن وإحاطتها بسياج من الضمانات والشكليات التي تقطع مع كل أشكال الشطط، عممت مديرية الأمن، بداية هذا الأسبوع، مذكرة مصلحية على جميع مصالحها الجهوية والمركزية تتعلق بالتدابير المتعلقة بتوقيف وإيداع الأشخاص تحت الحراسة النظرية أو تحت المراقبة. وتشمل هذه المذكرة، التي تروم التأسيس لممارسة حقوقية سليمة في الوظيفية الشرطية، جملة من التوجيهات التنظيمية والمهنية المتعلقة بالتدبير السليم والقانوني للإجراءات التي تدخل ضمن اختصاصات مصالح الشرطة القضائية، خصوصا منها ما يتعلق بالفترة التي تسبق إخضاع الموقوفين للتدابير المقيدة للحرية من قبيل الحراسة النظرية أو الوضع تحت المراقبة.
ومن أبرز ما جاءت به مضامين هذه المذكرة، التأكيد على ضرورة منح الأولية للعلاج والإسعاف في حالة التعامل مع الموقوفين أو المشتبه فيهم الذين يحملون إصابات جسدية أو أعراض مرضية ظاهرة، وذلك عبر توجيه مصالح الأمن إلى المبادرة إلى نقلهم على متن سيارات الإسعاف إلى أقرب قسم للمستعجلات أو مركز صحي.
وفي نفس الإطار، شددت المذكرة المشار إليها بشكل صريح وصارم على إجبارية إحالة كل شخص يضبط في حالة سكر أو تبدو عليه علامات التخدير على المصالح الطبية، وذلك بغرض تحصيل شهادة طبية تشخص حالته الصحية، قبل إخضاعه لاحقا لتدابير الحراسة النظرية أو قبل الاحتفاظ به تحت المراقبة، مع اتخاذ نفس الإجراءات السالفة الذكر فيما يخص الموقوفين الذين يحملون إصابات جسدية ظاهرة أو أعراض مرضية.
وضمن نفس الرؤية، أكدت هذه المذكرة على ضرورة الاحتفاظ بالأشخاص المصابين بجروح خطيرة أو نزيف دموي تحت الحراسة الطبية بالمستشفيات العمومية، وإخضاعهم للتحقيق بعد تماثلهم للشفاء، مع الحرص على توثيق طبيعة الإصابات التي تتم معاينتها على الموقوفين وكذا مصدرها في محاضر قانونية، وذلك من أجل تفادي أي ادعاءات لاحقة بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو الحاطة من الكرامة.
يشار إلى أن هذه المذكرة تأتي في ظل توجه راسخ لمصالح الأمن نحو التنزيل السليم للممارسات الحقوقية المتعارف عليها دوليا في مجال تدبير مسطرة الاحتجاز ما قبل المحاكمة، وخصوصا في فترة البحث التمهيدي لدى الضابطة القضائية.