وجه عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني، من خلال مذكرة مصلحية، تعليماته تلزم جميع ضباط وأعوان الشرطة القضائية، حيث طالبهم باعتماد جملة من التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية، قبل توقيف أي مشتبه فيه، ووضعه تحت الحراسة النظرية. وطالبت مذكرة حموشي، الصادرة اليوم، ب"ضرورة الاحتفاظ بالمشتبه فيهم المصابين، تحت الحراسة الطبية بالمستشفيات العمومية، وإخضاعهم للتحقيق بعد تماثلهم للشفاء، وذلك بدل إيداعهم بمراكز الوضع تحت الحراسة النظرية، أو أماكن الإيداع الخاصة بالأحداث". مصدر أمني مسؤول قال إن المذكرة تعتبر مؤشرا على المنحى التصاعدي لثقافة حقوق الإنسان في الوظيفة الشرطية منذ تولي حموشي مهمة المدير العام للأمن الوطني، كما تعكس المقاربة الأمنية الجديدة التي تحاول التوفيق بين حق الدولة في فرض الأمن وصون النظام العام من جهة، وكفالة الحقوق الفردية والجماعية من جهة ثانية، وذلك بدون تفريط ولا إفراط". واستطرد ذات المصدر، بأن هذه المذكرة "شدّدت بشكل صريح وصارم على وجوب عرض كل مشتبه فيه يتم ضبطه في حالة سكر متقدمة، أو تبدو عليه علامات التخدير المطبق أو الانهيار العصبي على مؤسسة استشفائية، وتحصيل شهادة طبية بحالته الصحية، وذلك قبل اتخاذ أي إجراء مقيد للحرية في حقه". وألزمت المذكرة موظفي الأمن كذلك، بإحالة المشتبه فيهم الحاملين لإصابات جسدية ظاهرة أو أعراض مرضية سابقة، على قسم المستعجلات أو على طبيب معالج، وتحصيل شهادة طبية بتلك الإصابات والأعراض، وذلك قبل الاحتفاظ بهم تحت الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي. واعتبر المصدر الأمني المسؤول بأن هذه المذكرة ستعزز ثقافة حقوق الإنسان، وذلك من خلال "مطالبة ضباط الشرطة القضائية بتفادي نقل المشتبه فيهم المصابين بجروح خطيرة أو نزيف دموي على متن سيارات المصلحة أو سيارات النجدة، والعمل لزوما على نقلهم على متن سيارات الإسعاف". ولفت المتحدث إلى أن المذكرة تهدف إلى تلافي الإكراهات المرتبطة بتدبير الحراسة النظرية، خاصة أن بعض المشتبه فيهم الذين يكونون في حالة سكر طافح أو تحت تأثير أقراص الهلوسة قد ينساقون بشكل لاإرادي إلى تعنيف أنفسهم أو الانتحار أحيانا، كما أن بعض الأشخاص الذين يتم توقيفهم وهم يحملون إصابات جسدية أو نزيف دموي قد يتعرضون لمضاعفات خطيرة ما لم يتم إسعافهم بشكل فوري. وتأتي هذه المذكرة، الصادرة عن إدارة الأمن الوطني بعد سلسلة من المذكرات الأمنية والقرارات الخاصة ب"التخليق والنزاهة وتدعيم آليات الاستقامة" في صفوف موظفي الأمن، وذلك بهدف "توطيد ثقافة حقوق الإنسان في الوظيفة الشرطية" حسب تصريح المصدر الأمني المسؤول.