وهل من الممنوع أن يبدي الأغنياء في المغرب رأيهم في القضايا التي يرون أن رأيا لهم فيها.
معظم الذين كتبوا عن نور الدين عيوش أو انتقدوه اتهموه بالثراء، ولذلك لا يحق له أن يتكلم.
كما لو أن المفلسين والفقراء هم وحدهم من يحق لهم أن يبدوا رأيا ويتحدثوا عن الدارجة والعربية.
الأذكياء منهم يلمحون إلى أن عيوش يملك مالا كثيرا، والذين يملكون المال مشبوهون. هذه هي الرسالة التي يصرون على إيصالها للقارىء.
هناك إجماع على شيطنة نور الدين عيوش، كأن جهة ما تدفعهم إلى ذلك، وإلا لماذا كل هذا الإصرار على تركيز الضربات نحو الشخص وليس نحو الفكرة. كان على نور الدين عيوش أن يقدم لهم ثروته هدية قبل أن يفتح فمه، خاصة أنه تحدث عن الدارجة وعن لغة الشعب، وكي تتحدث عن الشعب يجب عليك أن تكون مسكينا لا تملك قوت يومك.
هذا رأي مكتوب في الصحافة وليس من عندياتي.
لقد أصبحت الشتائم ولغة التخوين في المغرب مجرد رأي، والأدهى أن العدوى وصلت إلى البرلمان.
المقرىء أبو زيد، البرلماني والرجل المتدين جدا، والمدافع عن الأخلاق والقيم والإسلام الصحيح، وصف نور الدين عيوش بالشخص التافه.
هذه هي آداب النقاش والتدافع، وهذا هو درس المقرىء للمغاربة الشباب، وبهذه الطريقة يدعو الناس إلى الرد على من يختلفون معهم. إنه إسلام المقرىء أبو زيد السمح.
وهكذا يتحدث الدكتور والرجل الذي يقولون عنه إنه مفكر.
إنها نظرية التتفيه والتسفيه. هذه هي الرسالة، إذ يكفي أن تسب نور الدين عيوش وتقول إنه تافه وأتفه من تافه، كي ينتهي الجدل وتنتصر العربية الفصحى. من حق أي أحد أن يكفر بالإسلام إذا كان نموذجه هو المقرىء، فأي نموذج يقدمه للدين، وهو مفكر وعالم وأستاذ وله أنصار وحزب، إذ قد يأتي شخص غير عارف ويقول إني سمعت ممثلا للإسلام رجلا شتاما لا يحترم من يعارضه في الرأي، ويصفه بالتافه.
عادة ما يكون الشخص الذي يسب ويشتم عاجزا عن الرد وعن تقديم الحجة، وعادة ما يعتقد أنه وحده يمتلك الحقيقة، وأن تشتم وتهدد وتشوه سمعة من تختلف معه هو دليل على تدن أخلاقي وعلى عسر في قبول الآخر وعلى نزعة استبدادية ورغبة في التحكم والسيطرة.
حتى لو كان نور الدين عيوش تافها، فلا أحد له أهلية أن يخبره بذلك، والأخلاق التي يتغنى بها الإسلاميون تمنعنا أن نسب أيا كان في الشارع، فما بالك والمقرىء المتدين والإسلامي جدا يمس بسمعة شخص غائب بكلام لا يمكن إلا أن يعتبر قذفا.
زميلنا في المهنة والبرلماني عبد الله البقالي لم يفاجئنا في الحقيقة وهو يدلي بدلوه في الموضوع، لأنه مدرسة في مجاله، وقد توصل بحكم تحقيقه وتحرياته إلى أن عيوش بيدق من بيادق الاستعمار.
إنه مجرد رأي ومجرد نقد من شخص يتحدث دائما عن أخلاقيات مهنة الصحافة، وها هو لا يفوت الفرصة ليقدم لنا درسا في الأخلاق وأدب النقاش من داخل البرلمان.
أما الذين لم يعثروا على شتيمة مناسبة فقد وصفوا نور الدين عيوش بالجاهل، لأنهم يعتبرون أنفسهم عباقرة، وهناك من ذهب بعيدا وبحث في ماضيه وأسرته وأقحم أبناءه و"نواياهم الشريرة" في هذا المخطط والمؤامرة العالمية التي يقودها الوالد. حقا نحن نعاني فعلا من مشكل في التعليم حقا اللغة العربية في خطر بعد أن أفرغوا معجمها من كل الكلمات ولم يعد لسان العرب ينطق إلا بالشتائم والتهديدات. حقا نحن في خطر وعلينا أن نغير برلمانيينا ومفكرينا وأحزابنا ولغتنا وقبل ذلك هيا نطارد نور الدين عيوش هيا نشكك في ثروته إنه جاهل وتافه وبيدق وعندما نتصل به ليبدي رأيه نكتشف أن هاتفه لا يرن وكل من يملك هاتفا لا يرن فهو عميل ومتآمر
وعلينا أن نعريه ونطوف به في البرلمان وفي الجرائد كي نحذر منه الشعب.