لا يختلف اثنان أن الملك محمد السادس يتوصل بطريقة أو بأخرى بكل كبيرة وصغيرة عن مشاكل شعبه بجميع شرائحه وطبقاته ، لاسيما سكان القرى والدواوير الجبلية أو ما يطلق عليهم "المغرب العميق". وحتى إن لم تكن هناك تقارير تصل الملك عن أحوال المغرب العميق، فإن عصر الانترنيت الذي جعل العالم قرية صغيرة، قد يكون قرب الملك كثيرا من شعبه، واطلاعه على احوالهم، سيما أن مواقع التواصل الاجتماعي واليوتوب والمواقع الاخبارية، التي أصبحت منظارا لتقريب هموم الشعب، حيث أضحت الصحافة البديلة وصحافة المواطن، منبرا للمواطنين وملجئا لهم، قد تكون وسيلة للملك لمعرفة الحقيقة بعيدا عن التقارير الرسمية. ومن خلال تأمل بسيط وقراءة في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش خصوصا في ما يتعلق بحديثه الذي ركز فيه عن سكان القرى والدواوير الجبلية المهمشة ، يحيل أن الملك قد يكون متابعا لأحوال المغاربة عبر ما ينشر في الفايسبوك واليوتوب والمواقع الالكترونية، أضف إلى ذلك القنوات الرسمية وإن كانت تغفل عن قضايا إجتماعية مهمة. وفي هذا الصدد نستحضر فيديو تم تداوله على نطاق واسع قبل خطاب الملك بيومين تظهر فيه سيدات من سكان المغرب العميق يقطنّ بأحد الدواوير بجبال الأطلس ببني ملال يتساءلن عن وعود المسؤولين خلال الزيارة الملكية ،و يتحدثن بمرارة عن ما يعانيه سكان الدوار من تهميش وغياب أبسط وسائل العيش ومعاناة أطفالهن مع غياب المدرسة ، وعبرن في الفيديو عن احساس ساكنة الدوار بالحكرة وأنهم منسيون ولا أحد يفكر فيهم . وكان الملك خلال زيارته لجهة تادلة أزيلال التقى بسكان نفس الدوار ونسائهم وأعطى اوامره لبناء مسجد لهم ، فهل يكون قد شاهد فيديو النساء؟ ،خصوصا تلك السيدة التي تحدثت بالأمازيغية عن واقع دوارها والتي قد تكون رسالتها وصلت. فخطاب الملك جاء ليوضح ويؤكد في الوقت نفسه لسكان المغرب العميق أنهم في صلب اهتمامه وغير منسيون حيث جاء في خطابه :" "فإن ما يحز في نفسي، تلك الأوضاع الصعبة ، التي يعيشها بعض المواطنين، في المناطق البعيدة والمعزولة وخاصة بقمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية والجافة والواحات، وببعض القرى في السهول والسواحل". وما يدل على أن الملك يتأثر بما يراه من معاناة سكان الدواوير المهمشة عندما قال في خطابه :" "كل ما تم إنجازه، على أهميته، يبقى غير كاف لبلادنا، ما دامت هناك فئة تعاني من ظروف الحياة القاسية، وتشعر بأنها مهمشة، رغم كل الجهود المبذولة" أما رسالته المهمة التي يجيب فيها عمّن يشعر أنه مهمش ومنسي :" "فطموحنا من أجل إسعاد شعبنا، ليس له حدود. فكل ما تعيشونه يهمني: ما يصيبكم يمسني، وما يسركم يسعدني. وما يشغلكم ، أضعه دائما في مقدمة انشغالاتي". وبهذا يكون المغرب العميق قد هزم الدولة العميقة واستطاع التواصل المباشر مع الملك من خلال الانترنيت والمنابر الاعلامية دون حاجة لا لوزير أو لأي مسؤول.