لا يختلف اثنان أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس يتوصل بطريقة أو بأخرى بكل كبيرة وصغيرة عن مشاكل شعبه بجميع شرائحه وطبقاته ، لاسيما سكان القرى والدواوير الجبلية أو ما يطلق عليهم "المغرب العميق" . ومن المؤكد أن هناك صراع كبير بين الدولة العميقة والمغرب العميق ، فرجالات الدولة العميقة يحاولون ما أمكنهم اخفاء هموم المغرب العميق عن الملك ويعملون ما في وسعهم لنقل صورة وردية عن سكان الدواوير الجبلية المهمشة والقرى المعزولة . إلا أن عصر الانترنيت والصحافة الالكترونية وعدسات الكاميرا أصبحت تشكل عائقا أمام هؤلاء من رجالات الدولة العميقة ، حيث أن جلالته أصبح لا يحتاج لمن يبلغه شؤون رعيته ، ومن خلال تأمل بسيط وقراءة في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش خصوصا في ما يتعلق بحديثه الذي ركز فيه عن سكان القرى والدواوير الجبلية المهمشة ، يتبين أن الملك يتابع أحوال رعيته عبر ما ينشر في المواقع الالكترونية الاعلامية وحتى شبكات التواصل الاجتماعي . وفي هذا الصدد نستحضر فيديو تم تداوله على نطاق واسع قبل خطاب الملك بيومين تظهر فيه سيدات من سكان المغرب العميق يقطن بأحد الدواوير بجبال الأطلس ببني ملال يتساءلن عن وعود المسؤولين خلال الزيارة الملكية ،و يتحدثن بمرارة عن ما يعانيه سكان الدوار من تهميش وغياب أبسط وسائل العيش ومعاناة أطفالهن مع غياب المدرسة ، وعبرن في الفيديو عن احساس ساكنة الدوار بالحكرة وأنهم منسيون ولا أحد يفكر فيهم . جلالة الملك خلال زيارته لجهة تادلة أزيلال التقى بسكان نفس الدوار ونسائهم وأعطى اوامره السامية لبناء مسجد لهم ، فهل يكون جلالته قد شاهد فيديو النساء؟ ،خصوصا تلك السيدة التي تحدثت بالأمازيغية عن واقع دوارها والتي يبدو أن رسالتها وصلت. فخطاب الملك جاء ليوضح ويؤكد في الوقت نفسه لسكان المغرب العميق أنهم في صلب اهتمامه وغير منسيون حيث جاء في خطابه :" "فإن ما يحز في نفسي، تلك الأوضاع الصعبة ، التي يعيشها بعض المواطنين، في المناطق البعيدة والمعزولة وخاصة بقمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية والجافة والواحات، وببعض القرى في السهول والسواحل". وما يدل على أن الملك يتأثر بما يراه من معاناة سكان الدواوير المهمشة عندما قال في خطابه :" "كل ما تم إنجازه، على أهميته، يبقى غير كاف لبلادنا، ما دامت هناك فئة تعاني من ظروف الحياة القاسية، وتشعر بأنها مهمشة، رغم كل الجهود المبذولة" أما رسالته المهمة التي يجيب فيها جلالته من يشعر أنه مهمش ومنسي :" "فطموحنا من أجل إسعاد شعبنا، ليس له حدود. فكل ما تعيشونه يهمني: ما يصيبكم يمسني، وما يسركم يسعدني. وما يشغلكم ، أضعه دائما في مقدمة انشغالاتي". وبهذا يكون المغرب العميق قد هزم الدولة العميقة واستطاع التواصل المباشر مع الملك من خلال الانترنيت والمنابر الاعلامية دون حاجة لا لوزير أو لأي مسؤول.