إلى جانب القضايا الشائكة.. صفقة طائرات "إيرباص" على رأس جدول أعمال زيارة ماكرون إلى المغرب        منتخب المغرب يتأهل إلى "شان 2025"    أمريكيان وبريطاني يحصدون جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024 تقديرا لأبحاثهم حول تركيبة البروتينات    جندي احتياط.. إصابة مستشار لوزير المالية الإسرائيلي في اشتباك بجنوب لبنان    الخصاص في الأساتذة بأقسام إشهادية وينذر باحتجاجات في اقليم الحسيمة    تقرير: 79 في المائة من المغاربة يعتبرون الطريقة التي تواجه بها الحكومة الفساد داخل الإدارة العمومية سيئة أو سيئة جدا    أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة يطالبون برفع التسعيرة ونقابي يوضح ل" رسالة 24 " الحيثيات    وهبي للمحامين: الناس أعداء ما جهلوا.. ومشروع المسطرة المدنية عمره 30 سنة    بعد احتجاج الطلبة... جامعة مغربية تلغي محاضرة لأكاديمي إسرائيلي    الإمارات العربية المتحدة تجدد تأكيد "دعمها الكامل" لسيادة المغرب على صحرائه    إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها "بعلاقات مستقرة" مع المغرب    بحضور جميع اللاعبين.. المنتخب الوطني يكثف استعداداته لمباراتي افريقيا الوسطى    عبد الجليل: الهيدروجين الأخضر ركيزة أساسية للانتقال الطاقي في مجال النقل        عزيز حطاب ل"رسالة24″: السينما المغربية تفرض وجودها بقوة على الساحة الدولية    ماذا يحدث للجسم البشري أثناء التعرض إلى "نوبة الهلع"؟    إحباط محاولة هجرة سرية نحو أوروبا وتوقيف تسعة أشخاص في الحسيمة    الأمطار تعود إلى شمال المملكة والواجهة المتوسطية مع أجواء ضبابية متوقعة    تيزنيت: الدرك يضبط"صوندا" تقوم بحفر بئر بدون ترخيص    المضيق: مجلس جماعة المضيق يصادق على منح الجمعيات وبرنامج انفتاح 2025/2026    استمراء العيش في الأوهام    منتخب أفريقيا الوسطى يحط الرحال بالمغرب في الساعات الأولى من صباح اليوم استعدادا لمواجهة المغرب    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها        المغرب يدين التهجم على غوتيريش ويؤكد موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية    في كتاب يصدر قريبا.. بايدن يصف نتانياهو بأنه "كاذب" و"لا يهمه سوى صموده السياسي"    قرعة غير رحيمة بممثلي المغرب في دروي الأبطال والكونفدرالية الإفريقيتين..        وهبي: النقاش حول القانون الجنائي يقترب من نهايته.. ومرسوم سيفرض تسجيل الوصايا قبل الوفاة لدى أقرب محكمة        كأس التميز.. الوداد يَسقُط أمام السوالم ونتائج متفاوتة في باقي المباريات    انتخاب المغرب على رأس الأمانة العامة للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية ذات الاختصاصات القضائية    الجمهور الإنجليزي يُفضل هذا اللاعب على بلينغهام    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    حمضي: داء السل يتسبب في تسع وفيات يوميا بالمغرب    الإمارات تجدد دعم السيادة المغربية    مع انطلاق موسم القنص.. أزيد من 1000 قناص ينشطون على مستوى اقليم الجديدة    القضاء البرازيلي يقرر رفع الحظر عن منصة "إكس"    كوريا الشمالية تعيد وزير دفاع سابق    مطلع على خبايا البيت الأبيض يبرز تقارب ترامب وبوتين    رغم المطالب الشعبية بوقف التطبيع.. المغرب يضاعف مبادلاته مع إسرائيل خلال عام من "حرب الإبادة" ضد الفلسطينيين    كيوسك الأربعاء | الغرامات المحكوم بها في قضايا الرشوة تصل إلى مليون و372 ألف درهم    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    بوريطة: سياسة الهجرة كما حدد معالمها جلالة الملك تقوم على المسؤولية المشتركة ومحاربة الأحكام الجاهزة والتعبئة ضد شبكات الاتجار في البشر    وزارة الثقافة: اختيار اليونسكو للرباط كعاصمة عالمية للكتاب لسنة 2026 ثمرة لالتزام بلادنا بالنهوض بالثقافة وبدمقرطة المعرفة    المغرب أول دولة إفريقية تحصل على علاج "Tpoxx" لمواجهة مرض جدري القردة    المركز السينمائي المغربي يكشف عن قائمة مشاريع الأفلام الطويلة    فينتربيرغ يرأس حكام مهرجان مراكش    "التعلم الآلي" ينال جائزة نوبل للفيزياء    نسبة التضخم ترفع الأسعار في المغرب    دراسة: الرصاص في المنتجات الاستهلاكية يتربص بالأطفال    تحليل ثقافي واحتجاج ميداني.. بلقزيز يستشرف قضية فلسطين بعد "طوفان الأقصى"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون المالية لسنة 2014.. الموسم الفلاحي هو المنقذ
نشر في كود يوم 24 - 10 - 2013

كم هو واهمٌ من كان يعتقد أن مشروع قانون المالية لسنة 2014 سيأتي بالجديد الذي يستحق أن يذكر. السبب بسيط جدا، وهو أن هذا المشروع تمت صياغته في سياق سياسي خاص وفي عز أزمة مالية هيمن فيها هاجس التحكم في التوازن الماكرو- اقتصادي لا أقل ولا أكثر. ولأن الأمر كذلك، كان منتظرا أن تتوجه الحكومة إلى خيار التقشف، الذي طال، تحديدا نفقات التسيير وميزانية الاستثمار. وفي المقابل، كان منتظرا أيضا أن تستمر حكومة بنكيران في سياسة التحكم في سقف دعم المواد الأساسية من خلال آلية المقايسة الجزئية، والتحكم في عجز الميزان التجاري بدعم الصادرات، لاسيما بعد أن أثمرت مجهودات هذا الخيار خلال السنة الماضية تحسنا ملحوظا قلص ساهم في نسبة العجز.

لكن الجديد الذي جاء به مشروع قانون المالية الحالي هو أنه حاول أن يوسع موارد الميزانية بإدخال القطاع غير المهيكل إلى الإدارة الجبائية، وبالرفع التدريجي للإعفاءات غير المجدية، وإخراج 400 شركة كبرى في القطاع الفلاحي من خانة هذه الإعفاءات.

من الناحية المالية الصرفة، فإن أي أزمة في التوازن المالي تحتم على أي حكومة المضي في هذه الخيارات، فالحكومة الإسبانية، مثلا، مضت في إجراءاتها التقشفية إلى أبعد مدى إلى الحد الذي أصابت فيه الزيادات العديد من المنتوجات، بل حتى الخدمات الأساسية المرتبطة بالنقل والعلاج، لكن التدبير الاقتصادي للأزمات لا يحَلّ فقط بمقاربات مالية تقنية تبحث عن تقليل المصاريف وتوسيع وعاء الموارد، فهذه العملية -رغم ضرورتها- لا ينبغي أن تحجب الارتباط الموجود بين الاقتصادي والاجتماعي، وما يتطلبه ذلك من اجتهاد وإبداع في الرؤية الاقتصادية يحاول ما أمكن أن يبحث عن الثروة بعيدا عن جيوب المواطنين.

إن الجهود التي بذلتها الحكومة للبحث عن توسيع الوعاء الضريبي، حسب المعطيات الرقمية لمشروع الميزانية، لن يتعدى حاصلها مليارا ونصف مليار درهم بالنسبة إلى الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة و1.8 مليار درهم بالنسبة إلى الضرائب غير المباشرة، أي أنه لن يشكل سوى نصف الزيادة التي حصلت في الكتلة الأجرية، والتي قاربت 5 مليارات درهم، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ موارد المداخيل الجمركية -حسب تقديرات المشروع نفسه- ستنزل بحوالي 1.3 مليار درهم، ما يعني أن شروط الوضعية السابقة ستستمر ما لم يتم التفكير في خيارات أخرى جوهرية تتوجه بالأساس إلى تنزيل الإصلاحات المهيكلة وتشجيع الاستثمار بتبسيط مساطره ورفع الاحتكار عن كثير من دوائره وتنقية مناح الأعمال، وإصلاح منظومة العدالة حتى ترتفع نسبة الثقة في بيئة الاستثمار.

للأسف، توجهت الحكومة، للمرة الثانية، إلى تقليص نفقات الاستثمار في الميزانية العامة بحوالي 9.4 مليارات درهم، وهو ما سيكون له أثر سلبي على العديد من المقاولات التي تتنفس بالدرجة الأولى من خلال هذه الرئة، كما سيكون له أثره على مستوى خفض نسبة النمو وتضييع العديد من فرص الشغل.
غير أن المعضلة التي ستبقى مستمرة، على الأقل في الأفق المنظور، هي الكلفة التي سيتحملها الشعب من جراء البحث المستمر عن التوازنات المالية، فإلى حد الساعة، ومع القانون المالي الثالث لهذه الحكومة، بقيت الإجراءات الاجتماعية لهذه الحكومة منحصرة في البحث عن آليات لضمان للتماسك الاجتماعي، من خلال الرفع الكمي من الخدمات الاجتماعية (لاسيما التعليم في الوسط القروي،والصحة..) والتفكير في بعض الفئات المحدودة (منح الطلبة، الرفع من مبلغ التقاعد لبعض الفئات، صندوق التماسك الاجتماعي، التعويض عن فقدان الشغل..) دون التوجه إلى رؤية أشمل توسع الشريحة المستهدفة، وتجعل التشغيل قطب الرحى في المقاربة، على اعتبار أن الحكومة اليوم تملك المبررات الكافية لتبرير عدم الرفع من الأجور.

وعلى العموم، لا يخرج هذا المشروع عن إطار الاستمرارية، حيث سيبقى المغرب محكوما بعلل نموذجه التنموي السابق نفسها. وسيبقى الموسم الفلاحي المحدد الأساس لنجاح السنة المالية، وسيبقى مصير الإصلاحات الكبرى الهيكلة خاضعا لمنطق الجرعة تتلو الجرعة، حيث يمكن في أي لحظة أن يتم تعطيلها أو تأجيلها بحجة الحفاظ على نعمة الاستقرار التي يحظى بها المغرب، وستمتدّ سياسة الحفاظ على التوازنات المالية، بدون شك، لسنوات أخرى طويلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.