انطلاقا من منطوق الفصل 58 من دستور 2011 فإن الملك بإمكانه ممارسة حق العفو بشقيه العام والخاص و يستفرد بنوع من الاستئثار المطلق في منحه لمن يشاء و وفق سلطته التقديرية. و انطلاقا من الدستور الذي يجعل الملك خارج أي رقابة قضائية كيفما كانت عكس ما هو معمول به لدى غالبية الدول الديمقراطية و منها فرنسا التي تشترط وجوبا أخد رأي المجلس الأعلى للقضاء الذي يقدم رأيه بناء على توصية من وزير العدل كما تلزم رئيس الحكومة ووزير العدل أن يوقعوا على قرار العفو إلى جانب رئيس الجمهورية.
لذا فإن الفقه القانوني سبق و أن أثار مسألة منح رئيس الدولة أو الملك سلطة مطلقة في ممارسة حق العفو لما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات تمس بمبدأ فصل السلط و عدم الإفلات من العقاب و مدى تأثيره السلبي على السلطة القضائية خصوصا و تفويت فرصة تطبيق سلطة القانون أولا و أخيرا.
الإطار القانوني للعفو بالمغرب:
أولا: من خلال مجموعة القانون الجنائي:
من بين أسباب انقضاء أو الإعفاء أو إيقاف تنفيذ العقوبة ضد المحكوم عليه بتمامها هو العفو الشامل الذي لا يكون إلا بنص تشريعي صريح و يبقى حقا من حقوق الملك يباشره وفق الترتيبات التي تضمنها ظهير 6 فبراير 1952 و ( الفصول 49 – 51 – 53 ق ج ) من بين أسباب انقضاء تدابير الوقاية أو الإعفاء منها أو إبقائها هو العفو الشامل الذي يوقف تنفيذ التدابير الوقائية الشخصية دون التدابير العينية ما لم يوجد نص صريح على خلاف ذلك مع تسجيل أن العفو الخاص بالعقوبة الأصلية لا يسري على تدابير الوقاية إلا إذا ورد نص صريح في قرار العفو على خلاف ذلك. (الفصول 93-95-97 ق ج). يمكن أن يحكم على الأشخاص الذين يعفون من العقوبة بالتدابير الوقائية. (الفصل 215 ق ج) ثانيا: من خلال قانون المسطرة الجنائية:
من بين ما تسقط بعه الدعوى العمومية العفو الشامل ( المادة 4 ق م ج). يمكن لقاضي تطبيق العقوبات تقديم مقترحاته حول العفو و الإفراج المقيد بشروط (المادة 596 ق م ج الفقرة ما قبل الأخيرة). لا تنفد عقوبة الإعدام إلا بعد رفض طلب العفو (المادة 602 ق م ج). يمنع تحت طائلة عقوبة غرامية تتراوح بين 10.000 و 60.000 درهم أن ينشر أو يداع بأي وسيلة من الوسائل قبل التنفيذ أو قبل تبليغ ظهير العفو لعلم المحكوم عليه أي خبر أو أي رأي أبدته لجنة العفو أو الأوامر الصادرة عن جلالة الملك (المادة 606 ق م ج). يمكن للجنة المراقبة بالولاية أو العمالة التي يترأسها الوالي أو العامل أو مفوض من قبله بمساعدة رئيس المحكمة الابتدائية و وكيل الملك بها و قاضي تطبيق العقوبات و ممثل السلطة العمومية المكلفة بالصحة و رئيس مجلس الجهة و رئيس مجلس الجماعة اللتين توجد بهما المؤسسة و ممثلوا قطاعات التربية الوطنية و الشؤون الاجتماعية و الشبيبة و الرياضة و التكوين المهني أن تقدم إلى لجنة العفو توصية بمن يظهر لها من المعتقلين استحقاقه للعفو.(المادتين 620-621 ق م ج). إذا كان تخفيض العقوبة ناتج عن عفو فيجري الحساب باعتبار العقوبة المخفضة. (المادة 623 ق م ج) تضاف إلى البطاقة رقم 1 التغييرات المتعلقة بالأوامر الملكية القاضية بالعفو كليا أو جزئيا أو استبدال عقوبة بأخرى. (المادة 661 ق م ج) يعهد بكاتب الضبط بالمحكمة التي أصدرت العقوبة إذا كان يتعلق بالعفو أو بإبدال عقوبة بأخرى أو بالتخفيض منها أو بإلغائها تحرير البطائق أو الأوراق المغيرة لمضمن البطاقة رقم 1 ويتعين توجيهها فورا إلى مركز السجل العدلي الوطني أو المركز المحلي المختص. (المادة 662 ق م ج) طلب رد الاعتبار يجب أن يكون شاملا لمجموع المقررات القضائية بعقوبات نافذة لم يسبق محوها لا عن طريق رد اعتبار سابق و لا عن طريق العفو الشامل (المادة 690 ق م ج). ثالثا: من خلال ظهير العفو المعدل بتاريخ 8 أكتوبر 1977:
يمكن أن يصدر العفو سواء قبل تحريك الدعوى العمومية أو خلال ممارستها أو على أثر حكم بعقوبة أصبح نهائيا. العفو الصادر قبل الشروع في المتابعات أو خلال إجرائها يحول دون ممارسة الدعوى العمومية أو يوقف نشرها... لا يشمل العفو إلا الجريمة أو العقوبة التي صدر من أجلها و لا يحول بأي وجه من الوجوه دون متابعة النظر في الجرائم أو تنفيذ العقوبات الأخرى في حالة تعدد الجرائم... لا يلحق العفو في أي حال من الأحوال ضررا بحقوق الغير. أن العفو يشمل الفرد و الجماعة.... يتبع....